مكة أون لاين - السعودية نقول دائما بأن المجتمعات الحديثة المتقدمة تتميز بخصائص في بنيتها الاجتماعية والسياسية، إذ تقوم على مبادئ وأسس أخلاقية/ سياسية تجعلها متقدمة ويشعر فيها الأفراد بالرضا عن النظام العام في المجتمع. ومن هذه المبادئ والأسس نقول بأن مبدأ «سيادة القانون» هو أهمها. لكن ما معنى سيادة القانون ولماذا يجب أن «يسود» القانون المجتمع؟ مبدأ سيادة القانون مبدأ قديم في الفكر الأخلاقي/ السياسي الإنساني. نذكر هنا مثلا أن أرسطو (385ق.م-322ق.م، فيلسوف يوناني)، في كتابه المعنون «السياسة» قال بأن القانون يجب أن يكون أعلى من أي سلطة، أو فوق أي مواطن أيا يكن. وفي الثقافة الإسلامية فإن القانون -الذي مصدره الله- يجب أن يكون أعلى من كل الأفراد. يمكن أن نعرف سيادة القانون بأنها الحالة التي يكون فيها كل الأفراد والسلطات والحكومة خاضعين كلهم لسلطة القانون ويطيعونه وينظم أنشطتهم المختلفة. وكما قال أرسطو ف»إن سيادة القانون هي بلا شك أفضل من سيادة أي فرد مهما يكن». تعني سيادة القانون في أبسط صورة لها مبدأ أنه لا أحد فوق القانون وأن القانون هو أعلى سلطة في المجتمع. هذا يعني أن السلطات في المجتمع (سواء السلطة السياسية أو غيرها) تمارس شرعيتها عبر تطبيق القوانين المكتوبة والمتفق عليها من قبل الشعب (الإجماع الأخلاقي هو مصدر الشرعية في المجتمعات الحديثة المتقدمة). تكمن أهمية مبدأ سيادة القانون في أنه يحقق دولة القانون، أي يحمي المجتمع من الحكم الاعتباطي والعشوائي سواء عن طريق حاكم مستبد أو عن طريق حكم الغوغاء. سيادة القانون تحقق السلم المجتمعي وتحمي المجتمع من الوقوع ضحية صراع إرادات القوى الاجتماعية المختلفة. ليتحقق، يحتاج مبدأ سيادة القانون إلى نظام عدلي/ قضائي شفاف ونزيه مبني على قواعد قانونية واضحة وقضاء مستقل ليس عن السلطة السياسية فحسب ولكن عن مجموعات المصالح الخاصة. لفهم أوضح لمبدأ سيادة القانون علينا التفكير فيما يحدث في مجتمع تنعدم فيه سيادة القانون. كما أشرنا سابقا، هناك خطر الاستبداد والحكم الاعتباطي، كما أنه تسود ثقافة متبرمة من القانون الذي «لا يطبق إلا على الضعفاء»، كما يصبح ارتباط الأفراد بالقانون (حتى في القواعد القانونية الأبسط في الحياة اليومية) مشوها وليس في مصلحة المجتمع. سيادة القانون تصنع مجتمعا راقيا خاضعا لسلطة القانون.