مكة أون لاين - السعودية في الفلسفة الأخلاقية والسياسية مفهوم العقد الاجتماعي هو طريقة لشرح ارتباط الأفراد في المجتمع (مقارنة بحالة الفردانية المطلقة التي تسبق حالة الانتظام في مجتمع) لتشكيل هذا المجتمع ولشرح طبيعة وشرعية السلطة (أو السلطات) التي تحكم المجتمع. ورغم تنوع نظريات العقد الاجتماعي إلا أن ما يجمعها هو أنها ترى في الفرد الأساس الذي يقوم عليه المجتمع (يمكن أن نقول مجتمع أو دولة لا فرق هنا في المعنى). تقوم الأطروحة الأساسية لكل نظريات العقد الاجتماعي على أن المجتمع / الدولة ليس/ت ظاهرة طبيعية (أي موجودة في حالة الطبيعة التي تسبق التدخل الإنساني) وإنما اختراع إنساني وباتفاق الأفراد الذين يشكلونه/ها وبقرار منهم بمحض إرادتهم وبأن قواعد هذا الاتفاق والقوانين التي تحكمه والحقوق والواجبات المترتبة عليه لمجموع الأفراد إنما هي نتيجة لهذا الاتفاق ولتحقيقه وحمايته. يمكن أن نفهم فكرة العقد الاجتماعي بشكل أفضل إذا ما عرفنا: 1- أن الفلسفة الإغريقية (متن التراث الغربي) قابلت / ميزت منذ القرن الخامس قبل الميلاد بين الطبيعة المادية الثابتة وغير المتغيرة (ملاحظة: نعرف اليوم أنه وبفضل تقدم العلوم والتكنولوجيا صار من الممكن تغيير الطبيعة) وبين الطبائع الإنسانية المتغيرة. 2- أن الحالة التي تسبق حالة المجتمع / الدولة هي حالة الفرد في الطبيعة دون أي ارتباط أو التزام تجاه الأفراد الآخرين. بالنسبة لجون رولس (1921م-2002م فيلسوف أمريكي معاصر) فإن وظيفة أي نظرية للعدالة هي تحديد البنية الأساسية في المجتمع، وبعبارة أخرى الطريقة التي ينبغي عبرها للمؤسسات العدلية / القضائية والسياسية والاقتصادية في المجتمع تحديد الحقوق الفردية وإعادة توزيع ثمار التعاون الاجتماعي. المجتمع السعودي المعاصر نشأ قبل نحو قرن من الزمن عبر عقد اجتماعي يقوم على التراث السياسي المحلي وصيغة اتفاق تستند إلى مستوى الوعي الأخلاقي والسياسي الذي كان سائدا لدى الأفراد لحظة التأسيس. لكن اليوم نحن مجتمع شاب (أكثر من 60% من السكان تحت سن 30 عاما) بوعي أخلاقي وسياسي مختلف. نحن مجتمع شاب يتوق إلى قيم الحرية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون وتكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون. إن إصلاح المجتمع لتجاوز التمييز وتفاوت الفرص وتحقيق الاستقرار الدائم عبر مبادئ السلم المجتمعي يتطلب مراجعة للعقد الاجتماعي القائم وإصلاح المؤسسات للقيام بدورها كما يجب وصياغة دستور دائم للبلد.