احتفال أهالي المدينة المنورة في يوم الوطن    طائرات موسم الرياض    التأمين.. أسهل !    الكهموس من اجتماع الصين: تعاون وطني ودولي لملاحقة الفاسدين وتعقب أموالهم    لبنان الدولة يدفع الثمن مجدداً..!    ويسألونك لماذا تكره الشعوب مليشيات حزب الله    ربما يصفقون لنتنياهو مرةً أخرى    كأس الملك .. الجبلين يتغلّب على الفتح بهدفين ويتأهل لدور ال16    الصبر وصل مداه..!    رئيس جمهورية بلغاريا يلتقي وزير الخارجية فيصل بن فرحان    الصقور قِيَم وهوية    فوز سهل للاتحاد والشباب في الكأس    فعاليات متنوعة في احتفالات مدارس جدة باليوم الوطني ال 94    ذكرى عزيزة    الأنظار تتحول من غزة إلى لبنان    «مريم الأسطرلابية».. أيقونة إلهام للفتيات    وداع بايدن في الأمم المتحدة مع احتمال عودة ترمب للسلطة    هيئة الأفلام تطلق ملتقيات النقد السينمائي لعام 2024    الشارع الثقافي يتوهج باحتفالات أهالي جازان باليوم الوطني    القيادة تهنئ رئيس غينيا بيساو ورئيسة ترينيداد وتوباغو    لاعبان سعوديان من أكاديمية مهد يحترفان بنادي تريفيزو الإيطالي    احتفالات ترسم البهجة على أهالي وزوار جازان    أمير القصيم: نعتز بإنجازات في ظل قيادة حكيمة    الملك يشكر قادة الدول على مشاعرهم وتمنياتهم الطيبة للمملكة في يومها الوطني    سعود بن بندر: كلنا فخر واعتزاز بإنجازات الوطن    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان حاكم أم القيوين في وفاة الشيخ عبدالله بن أحمد بن راشد المعلا    البنوك الآسيوية.. ودورة خفض الفائدة    محافظ الزلفي: حق لنا أن نفخر أننا سعوديون    تعليم جازان يحتفي باليوم الوطني ال 94 للمملكة "نحلم ونحقق"    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل ورماً ضخماً بالغدة النخامية سبب مضاعفات حادة    المملكة تسلّم 40 منزلًا لمتضرري الزلزال في مدينة الباب بمحافظة حلب السورية    100 ألف زائر لإثراء في اليوم الوطني    فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمنطقة جازان يحتفل باليوم الوطني 94    إخلاء ونزوح ..إسرائيل وحزب الله يخوضان حربا دامية    مشمش وشوكولا يحميان قلوب الكبار    متغيرات بروتينية تفتح الباب لأدوية إنقاص الوزن    محافظ الزلفي يطلق برنامج نماء وانتماء    أكثر من 1000 متطوع ومتطوعة يصممون تشكيلا بشريا لخريطة المملكة بجادة بيشة    أمانة الشرقية تحتفي ومنسوبيها باليوم الوطني 94    وزير الصناعة والثروة المعدنية يطّلع على أحدث التقنيات المالية في بورصة نيويورك    النائب العام: تتواصل المسيرة بعزيمة راسخة لتحقيق الرؤية    أطعمة تناولها مجمدة أفضل للصحة    تشكيل الإتحاد المتوقع أمام العين    الصندوق العقاري يودع مليار وخمسة ملايين ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر سبتمبر    هيئة العقار: قرب انتهاء المهلة المحددة للتسجيل العيني الأول للعقار ل8 أحياء بالرياض    نائب أمير جازان يشهد المسيرة الوطنية ويرعى حفل أهالي المنطقة بمناسبة اليوم الوطني    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    لأمم المتحدة تختتم قمة المستقبل من أجل بداية جديدة للتعددية    بيريرا يزيد أوجاع الاتحاد    «هلال نجران» يشارك في احتفالات اليوم الوطني ال 94    خيركم تحقق أكبر عدد حافظ للقرآن الكريم بتاريخ المملكة    « تزييف عميق» لمشاهير الأطباء يهدد حياة المرضى    فوبيا الشاحنات    اليوم الوطني السعودي.. تسبيح التغيير وابتهالات الثوابت..!    فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشارك في فعاليات اليوم الوطني    اليوم الوطني 94 (نحلم ونحقق)    بخطى متسارعة.. «غير النفطي السعودي» يتجاوز %4.4    مصادر الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقدتى
نشر في أنباؤكم يوم 26 - 03 - 2014

التحرير - القاهرة
من المفكرة..
كان المشوار يبدو بسيطا مثل بقية مشاوير الطفولة، «عمر.. روح هات لنا الزبادى من عند بهجت»، وبهجت صاحب محل البقالة الصغير الموجود على ناصية شارعنا اشتهر بشيئين؛ الأول: أنه يقف فى المحل بالبيجامة، والثانى: أنه أفضل من يصنع الزبادى والجبن الأبيض الطازج منزليًّا. كانت هذه البضاعة سر شهرته ونجاحه فى المدينة، لم تكن سوهاج وقتها قد عرفت الزبادى المصنَّع والمغلف أوتوماتيكيًّا، كان يصنعه فى علب بلاستيك بلا غطاء، وهنا تكمن الكارثة.
المسافة من منزلنا إلى المحل نحو مئة متر، بالوقت أصبحت المئة متر الأصعب فى مشوار حياتى، لم أعد يومًا بالزبادى سليمًا إلى المنزل.
فى البداية كان الأمر يبدو استهتارًا طفوليًّا، أحمل أكواب الزبادى الملفوفة فى ورقة جورنال، وبسبب الرعونة وطيش الطفولة كنت أسقط باللفة عندما يفاجئنى الرصيف، أو عندما أتورط فى محاولة لإحراز هدف بطوبة فى منتصف الشارع بقذيفة بسن الحذاء فأشوط الأسفلت، أو أن يختل توازنى فى مدخل العمارة وخلاص.
عاقبنى الأب فى البداية بقرصة أذن خفيفة تصاعدت حدتها بمرور الوقت، ثم اختلطت بالتوبيخ الشديد لكونى غير قادر على تحمل المسؤولية رغم تفاهة الموقف فى اعتقادى وقتها. حاولت أن أتنحى عن هذا الدور، وأن أكتفى مثلا بشراء الخبز، لكن أهل البيت رفضوا وأصروا أن أكرر المشوار نفسه يوميًّا علشان أتعلم، وفى إحدى المرَّات كنت قد صعدت عدة درجات من السلم، ثم فوجئت بابن الجيران كعادة كل المصريين ينادى على أهله «علشان ينزلوا له السبَت»، وفى عز حرصى وتركيزى الشديد وأنا أصعد السلم شق هذا السكون الهائل صوت جهورى «يا حااازييييم..» فانهرت تماما، ولم أدرِ بنفسى إلا وأنا ممسك بحازم أنهال عليه ضربًا وصفعًا «كده وقعت الزبادى؟ طرااخ.. كده؟ دِب»، وأصررت أن لا أتركه قبل أن ينزل والدى ليكون شاهدًا على عدم تقصيرى هذه المرة.
بعدها أذكر أننى سمعت أمى يومًا تقول لأبى باكية: «الواد لازم يجيب الزبادى.. لازم ندى له فرصة ونشجعه.. الواد هيتعقد كده»، فبدأت مرحلة جديدة مليئة بالتشجيع وبحلول أبى المبتكرة، فى البداية أحضر صندوقًا بلاستيكيًّا أزرق اللون، ما زلت أذكره حتى هذه اللحظة، وطلب منى أن أضع فيه علب الزبادى وأحمله بحرص، وكانت الخطة ناجحة حتى صدمتنى درَّاجة فى أثناء عبورى الشارع، حاولت مرة أخرى وكانت شبه ناجحة.. أذكر أن والدتى ووالدى كانا يقفان على بسطة السلم يراقبان الموقف ويشجعاننى، نظرت إلى وجه أمى ورأيتها مبتسمة، شجعتنى ابتسامتها فأسرعت قليلا فعلقت قدمى بإحدى درجات السلم، ولم أجد ما أحمى به وجهى سوى الصندوق البلاستيك فغطى الزبادى وجهى، سمعت أبى يقولها بصوت عالٍ: «يوووووووه»، أما أمى فقد هونت علىَّ الأمر.
منحانى إجازة أسبوعًا من هذا المشوار، وفى مرة كنت عائدًا أنا وأبى ومررنا بمحل بهجت، اشترى بعض المستلزمات، وفى حركة خبيثة عمل نفسه مشغولًا بحملها، وطلب منى أن أحمل الزبادى، كان أبى خلال هذا المشوار يلعب دورين، دور خبير الكوارث الذى يدرس الأمر ليعرف أسبابه، ودور الملَّاح الذى يوجهنى خلال الرحلة، ويبدو أنه اكتشف السر، حيث لم يكرر على مسامعى طوال الرحلة سوى جملة واحدة «ما تحطش وشك فى الأرض وانت ماشى»، نجحت خطة أبى ووصلت بالزبادى سالمًا، لم أدخل به إلى المطبخ، ولكن إلى حيث تجلس أمى، كنت سعيدًا ومنتشيًا للغاية، وكانت فى عينيها فرحة ودموع ما، وكافأتنى أنا وأبى بأن صنعت لنا صينية بيتزا.
أصبح بهجت ثريًّا، وحوّل محل البقالة إلى محل لتجارة الذهب، صار يقف فيه مرتديًا بنطلونًا وقميصًا، أما أنا فقد أصبحت رجلًا لا يمتلك أى سبب للسعادة سوى أنه أقلع منذ زمن بعيد عن «البص تحت رجليه».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.