أعد معرض الشارقة الدولي للكتاب الثاني على المستوى العربي إذ يأتي كما أرى بعد معرض القاهرة الدولي، ولعل معرض الرياض يستطيع المنافسة على المركز الثاني أو الأول وهو مؤهل لذلك لو أن القائمين عليه أولوه عنايتهم. معرض الشارقة بدأ أول مرة عام 1982 وقد تابعت بدايته الأولى وما كنت أتوقع أنه سينمو بهذه السرعة، لكن إرادة القائمين عليه وأولهم سمو حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي كان وراء الإنجازات السريعة التي تحققت له فهو يوليه اهتمامات كبيرة قبل وأثناء الافتتاح وهذا بحده يعد إنجازا كبيرا كما أن التنظيم الجيد للمعرض ومشاركة الطلاب فيه أضاف له نكهة مميزة فكان الإقبال عليه كبيرا. من الأشياء التي يحسن الإشارة إليها تنوع النشاط الثقافي وكثرته. فهناك كما أعلن 130 فعالية ثقافية من محاضرات وندوات ولقاءات وتوقيع كتب وغيرها من أنواع الثقافات المتنوعة، ولكني آخذ على هذه الفعاليات كثرتها التي لا تتيح للحضور متابعتها فكان بعضها لا يكاد يجد من يتابعه، والشيء الآخر كنت أتمنى أن يكون المدعوون من دائرة الثقافة والإعلام من متعددي الثقافة والهوية الفكرية لكي يكون هناك تنوع يفيد الحاضرين ولعل دائرة الثقافة تأخذ هذا الاقتراح بالحسبان في دورات المعرض القادمة. بلادنا شاركت في هذا المعرض إذ حضرت مجموعة من دور النشر، كما أن مشاركة عدد من الجهات الحكومية كانت حاضرة وتحت مظلة وزارة التعليم العالي وإشراف الملحق الثقافي في الإمارات الدكتور صالح السحيباني وعدد من موظفي الملحقية المتميزين. جناح المملكة كان حاضرا بقوة في المعرض، فمعظم الجامعات عرضت بعض إنتاجها الثقافي، لكن هذه العروض لا تمثل الواقع الحقيقي لجامعاتنا والمطلوب أن يكون هناك تغير كبير في حجم المشاركة، والكتب وحدها لا تكفي، ومن المهم التنسيق مع الأخ الدكتور السحيباني على استضافة مجموعة من المثقفين السعوديين وأساتذة الجامعات للمشاركة في هذا المعرض وفعالياته وكذلك مع فعاليات الجامعات الإماراتية كلها وعلى مدى العام وليس في وقت محدد. مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف كان حاضرا ولكن بضعف شديد !!. عرض المصحف لا يكفي وحده فكل الدول فيها مصاحف وتطبع المصاحف أيضا !! الأهم كان عرض القيمة العلمية المتميزة لمصحف المدينةالمنورة منذ بداية طباعته وحتى نهايتها !! أعرف أن هناك جهودا هائلة بذلت من أجل إخراج المصحف بالشكل الذي نراه، هذه الصورة هي التي أتمنى أن يراها الآخرون على شكل عرض مركز ووافٍ بالهدف، ولعل هذه الفكرة تصل إلى الإخوة ونراها واقعا في المعارض القادمة في الشارقة وسواها. السيد عبد العزيز المبدل كان له حضور جيد وهو يمثل بدايات التعليم في بلادنا «الكتاتيب» فيجمع الصغار أمام جناح المملكة ويقوم بدور المعلم «المطوع» بهيئته التي كان عليها قديما. وحبذا لو اتبع هذا العمل بما وصل إليه التعليم في بلادنا حاليا. شركة أرامكو كانت غائبة وكنت أتمنى أن نراها حاضرة ولو بعرض تاريخ إنتاج البترول في بلادنا وأجزم أن هذه مسألة سهلة عليهم ولكنها قد تكون مفيدة لغيرهم. معارض الكتب وغيرها من المناسبات الثقافية فرصة مهمة لإعطاء الآخرين معلومات عن واقعنا والمحطات الثقافية والحضارية التي تجاوزناها أو التي ننوي أن نصل إليها، لكن المهم أن يكون هذا الحضور متنوعا وليس كما يحدث غالبا. وأخيرا، لابد من الإشارة إلى الجهود الكبيرة التي بذلها معالي السفير الأستاذ إبراهيم آل إبراهيم في إنجاح جناج المملكة من خلال الإشراف عليه قبل افتتاحه وأثناء الافتتاح، ومعاليه له تجربة ناجحه في معرض القاهرة الدولي الذي أصبح أفضل معرض على الإطلاق .. المناسبات المهمة يجب أن يستفاد منها بأفضل الوسائل وأحسنها.