د. محمد بن ناصر الجديد - الاقتصادية السعودية يصادف غدا مناسبة وطنية عزيزة مقرونة بالتفاؤل والثقة والطموح بمناسبة الذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - مقاليد الحكم في البلاد في يوم الإثنين السادس والعشرين من جمادى الآخرة من عام 1426ه. مناسبة وطنية عزيزة تدعونا إلى مدارسة مسيرة خادم الحرمين الشريفين في قيادة الوطن الحبيب نحو بنائه ورفاهية شعبه. مدارسة تنظر إلى محور المسكن كأحد الاحتياجات الرئيسة نحو استدامة رخاء المواطن ورفاهيته. محور مهم نستطيع التعرف عليه من خلال تبوئه ضمن قائمة أولويات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - إبان خطابه السنوي الضافي في مجلس الشورى بمناسبة افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الرابعة للمجلس. خطاب من الأهمية بمكان. من الناحية الشعبية، أنه الأول منذ أن تسلم - حفظه الله - مقاليد الحكم في البلاد. ومن الناحية التنفيذية، أنه تبلور من قبل مجلس الوزراء في جلسته الأولى بعيد إلقاء الخطاب إلى رؤية تاريخية انطلقت منها، بعون الله، استراتيجية وأهداف وخطط أعمال الدولة والأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة وقطاعات المجتمع كافة. تهدف هذه القراءة المختصرة لتطورات خطابه - حفظه الله - منذ تاريخ الإلقاء إلى اليوم إلى المدارسة الشمولية لنهجه - حفظه الله - في تحقيق التنمية الإسكانية الشاملة. يمكن استنباط تلك المتعلقة بالتنمية الإسكانية من خطة العمل الخاصة بتحقيق أسباب السكن. ""متلمسين خير المواطن وسعادته آملين أن نحقق له أسباب السكن"". لا تخفى على أحد قيمة السكن للفرد والأسرة والمجتمع في كونه نواة الاستقرار الشامل المؤدية إلى العطاء الإنساني. ومن أهميته بمكان أنه مرتبط بالسكينة والأمان والخصوصية ليس على مستوى المواطن فحسب، إنما على مستوى الأسرة والمجتمع. من أهم المحاور التي شهدت تغيراً ملحوظاً في منظومة المملكة قطاع الإسكان بمروره بخمس مراحل متسلسلة أسهمت في إيصاله إلى هيئته الحالية من الإنجازات. الأولى ""مرحلة ما قبل الطفرة"" (1960 - 1972)، والثانية ""مرحلة الطفرة"" (1973 - 1981)، والثالثة ""مرحلة ما بعد الطفرة"" (1982 - 1990)، والرابعة ""مرحلة التخطيط التنموي الشامل"" (1991 - 2005)، والخامسة ""مرحلة إعادة البناء الاقتصادي"" (2006 - 2024). اتسمت كل مرحلة بسمات اقتصادية وتنموية مختلفة نستطيع أن نتعرف عليها من خلال إعادة قراءة تطورات مساهمة قطاع الإسكان في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بالأسعار الجارية. حيث يشير تقرير مؤسسة النقد العربي السعودية الأخير (رقم 47) إلى أن قطاع الإسكان في المملكة أسهم بما معدله قرابة 3.68 في المائة سنوياً من الناتج المحلي الإجمالي خلال ""مرحلة ما قبل الطفرة"" (1968- 1972). ثم تضاعفت هذه المساهمة لتصل إلى ما معدله قرابة 7.23 في المائة سنويا من الناتج المحلي الإجمالي خلال ""مرحلة الطفرة"" (1973-1981). ثم استمر معدل النمو في مساهمة قطاع الإسكان خلال ""مرحلة ما بعد الطفرة"" (1982-1990)، لكن بوتيرة أقل من المرحلة التي سبقتها لتصل إلى ما معدله قرابة 8.66 في المائة. ثم بدأت مساهمة قطاع الإسكان في الناتج المحلي الإجمالي بالتراجع منذ 1991 حتى اليوم. فوصل معدل المساهمة السنوي هذا إلى قرابة 6.32 في المائة سنوياً خلال ""مرحلة التخطيط التنموي الشامل"" (1991-2005 ). ثم استمر معدل المساهمة السنوي في التراجع ليصل إلى 4.45 في المائة سنويا خلال الأعوام الأربعة الماضية، التي تشكل بدايات ""مرحلة إعادة البناء الاقتصادي"" (2006 - 2024). وعلى الرغم من التراجع الذي حصل خلال هذه الأعوام الأربعة، إلا أن التطورات الهيكلية التي حدثت في قطاع الإسكان ستحمل في طياتها ثماراً سنجنيها في المستقبل، بعون الله تعالى وتوفيقه. حيث شهد القطاع منتصف 2007 موافقة مجلس الوزراء الموقر على إنشاء الهيئة العامة للإسكان واعتماد تنظيمها. كان الهدف السامي لهذه الهيئة السعي نحو زيادة نسبة تملك المواطنين للمساكن من خلال تيسير حصولهم على مسكن ميسر وفق الخيارات الملائمة لاحتياجاتهم تراعى فيه الجودة ضمن حدود دخولهم في الوقت المناسب من حياتهم. أسهمت الهيئة في تحويل مبادرات الإسكان في المناطق الأقل نمواً إلى واقع من خلال مجموعة من المشاريع الإسكانية المتنوعة. شهد مطلع 2011 تطورات هيكلية جديدة في قطاع الإسكان من خلال أوامر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - برفع القرض العقاري المقدم من صندوق التنمية العقارية من 300 إلى 500 ألف ريال، ودعم الصندوق كذلك لبناء 500 ألف وحدة سكنية في مختلف المناطق. أكمل قطاع الإسكان عام 2011 بإنشاء وزارة الإسكان وضم كل ما يتعلق بالهيئة العامة للإسكان من مهام ومسؤوليات ومستهدفات تنموية للوزارة الجديدة. استمر قطاع الإسكان في النمو الهيكلي عندما كشفت وزارة الإسكان في الأمس القريب عن ملامح الاستراتيجية الوطنية للإسكان. وعلى الرغم من التسارع في التطورات الهيكلية في قطاع الإسكان خلال الأعوام الماضية، إلا أن ثمار هذه التطورات بدأت بالظهور من خلال نمو نسبة تملك المواطنين للمساكن. يشير تقرير مؤسسة النقد العربي السعودية الأخير (رقم 47) إلى النمو الملحوظ في إجمالي القروض القائمة المقدمة من صندوق التنمية العقارية، حيث شهد هذا الإجمالي نمواً من 68,889 مليون ريال في 2005 إلى 77,597 نهاية 2010، وبمعدل نمو سنوي بلغ 2.1 في المائة. كما شهد الصافي السنوي للقروض المقدمة نموا ملحوظاً بلغ 2,135 مليون ريال في 2006، ف 1,520 مليون ريال في 2007، ف 2,033 مليون ريال في 2008، ف 1,424 مليون ريال في 2009، ف 828 مليون ريال في 2010.