ظلت أنظمة التمويل العقاري في المملكة على قائمة الانتظار خلال السنتين الأخيرتين، وباتت محل كل حديث في عمل أو سهر أو حتى في المنازل، وعول عليها الجميع في أنها ستكون العصا السحرية لحل مشاكل الإسكان في السعودية، ولم تقر هذه الأنظمة فقط، بل جاء معها أو قبلها سيل من الأوامر الملكية للنهوض بصناعة العقارات في المملكة لتتخطى بذلك محاولات الحراك العقاري لتصل في النهاية – وهذا هو الأهم – للفئات المتوسطة والصغيرة وحقهم في امتلاك مسكن. وتأتي رغبة الدولة واضحة في زيادة حجم الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، وتشجيع صناعة الإسكان والتمويل العقاري لتحسين أداء القطاع، في ظل متانة القطاع العقاري في المملكة، وازدياد الطلب على المشاريع والمنتجات السكنية، خاصة في المدن الرئيسية.... لهذا جاءت الأوامر الملكية الأخيرة الخاصة بدعم القطاع الإسكاني لتعزز وتؤكد أهمية موافقة مجلس الشورى على مواد مشروع الرهن العقاري (تم الموافقة عليها أخيراً)، حيث يعتمد نشاط سوق التمويل العقاري حالياً على قروض الأفراد التي تطرح من البنوك وشركات التمويل العقاري؛ في حين أن التمويل العقاري بمفهومه الواسع الذي يقوم على تمويل المطورين العقاريين؛ لا يزال دون المعدل المطلوب للتوسع في التوطين الإسكاني؛ حيث تستمر الفجوة بين نمو السكان في المملكة والغياب النسبي لقدرة الائتمان على الشراء، خاصة للوحدات ذات الأسعار المناسبة التي ترتبط بالرهن العقاري؛ والتي تستمر في الاتساع، حيث من المتوقع أن يكون مبلغ التمويل اللازم خلال العقد المقبل 1.2 مليار ريال حسب التقارير المحلية. ويعد السوق السعودي الأقوى في المنطقة، حيث تحتل المرتبة الثانية بوصفها رافداً أساسياً للاقتصاد السعودي، وتشكل أكثر من 7 في المائة من الناتج المحلي باستثمارات تصل إلى 1.4 تريليون ريال، كما توظف سنويًا أكثر من 15 في المائة من إجمالي العاملين في القطاعات المدنية. ونلاحظ في الأفق تحركات كثيرة على الأوراق وعلى الطاولات وينتظر الجميع العمل الفعلي للوصول إلى الهدف وتفعيل هذه الأنظمة ونجد التحرك الحكومي فعال فيما يقابله من قبل القطاع الخاص- حتى الآن - حالات ترقب كثيرة في السوق... كل ما نريده الآن الخروج من حالة الترقب والحذر التي دامت كثيرا والوقوف على المعوقات وحلها خصوصاً وأن الحكومة قامت بدورها وينتظر من البنوك أن تعد عدتها لذلك لمعاونة صندوق التنمية العقاري الذي بدأ في صرف القروض اللازمة في معظم مناطق المملكة. ويتوقع أن تقدم أنظمة التمويل العقاري تنظيماً جديداً للكثير من المشكلات التي تعترض نظام التمويل في المملكة، إضافة إلى أنها ستعمل على تقنين الرهن العقاري بشكل جيد مما سيسهم في حفظ حقوق جميع الأطراف في تمويل العقار، وبالتالي سيحقق ذلك التوجه مصلحة كبرى لجميع الراغبين في الحصول على تمويل بشكل خاص والوطن بشكل عام. كما أن التمويل العقاري في المملكة لا يزال دون المعدل المطلوب، إذ ما زال هناك فجوة بين نمو السكان في المملكة والحصول على مسكن. وتؤدي موافقة مجلس الشورى السعودي على قانون الرهن العقاري إلى التوسع في تأسيس شركات متخصصة في التمويل العقاري وتعزز الفرص أمام شركات التطوير العقاري وقطاع المقاولات، كما ستسهم في تيسير ملكية البنوك للعقارات واستعادتها لها اذا تعثر العملاء في السداد... غير أن شعاع كابيتال قالت ان «النظام لا يزال بحاجة إلى عدد من المراحل والخطوات ليدخل مرحلة التنفيذ بشكل كامل»، كما سيتوسع «قطاع المقاولات للعمل بشكل أكبر مع المطورين ليضاف إلى ذلك نشاطه مع القطاع الحكومي حيث إن أعماله لن تتوقف على بناء المساكن والمكاتب ولكن ستشمل جميع الخدمات والبنى التحتية مثل المدارس والمستشفيات والطرق التي تتبع في العادة عمليات التطوير العقاري»، إضافة إلى ان شركات المقاولات ستكون في وضع أفضل حيث ستستفيد من الإنفاق الحكومي في مجالات التنمية. وأكد خبراء في الشؤون العقارية أن إقرار مجلس الشورى للتعديلات المقترحة على مواد مشروع نظام الإيجار التمويلي، ومواد مشروع نظام الرهن العقاري وغيرها من القرارات الأخرى التي كان آخرها إنشاء وزارة للإسكان تصب جميعها في مصلحة المواطن وحقه في امتلاك المسكن المناسب الذي يعد المطلب الرئيسي لأكثر من 70 في المائة من المواطنين، وقالوا: «إن مشروع الرهن العقاري سيساعد في إيجاد بيئة تمويلية وتشريعية، تسهم في حل مشكلات الإسكان التي اعتمدت الدولة عدداً من القرارات لحل هذه المشكلة». وكذلك، أكدوا أن إقرار هذه التعديلات على الإيجار التمويلي، ومواد مشروع نظام الرهن العقاري سيؤدي إلى زيادة نسبة الائتمان الذي تخصصه البنوك السعودية لتمويل القطاع العقاري، خصوصاً وأن الضمانات التي يوفرها الرهن العقاري، ستكون حافزاً ومشجعاً لتطوير برامج البنوك التمويلية، إضافة إلى ابتكار عمليات جديدة للتمويل، وتشجيع التنافس بينها لاستقطاب أكبر شريحة من العملاء والراغبين في الحصول على تمويل. وتوقع عقاريون أن تكون السنوات المقبلة فرصة حقيقية للتلاحم الفعلي بين القطاعين العام والخاص في مجالات التشريعات والتمويل، وزيادة رقعة التطوير للتنمية العقارية، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على القطاع الإسكاني في توفير مساكن للمواطنين. كما توقعوا حاجة المملكة إلى نحو 4.5 ملايين وحدة سكنية بحلول 2020م، فيما قُدر حجم التمويل الإسكاني بنحو 117 مليار ريال سنويًا لاستغلال مساحة 110 ملايين متر مربع من الأراضي الصالحة للاستثمار لمواجهة نمو السكان المتزايد. وبيّنوا أن القطاع العقاري حقق خلال الأعوام الخمسة الماضية نمواً في رأس المال الثابت في السوق العقارية تجاوز 40 في المائة، وارتفع قطاع العقار والتشييد في الناتج المحلي الإجمالي من 41.7 مليار ريال في عام واحد فقط هو عام 2000 إلى أكثر من 54.5 مليار ريال، وأفادوا أن محافظة جدة وحدها بحاجة إلى 100 ألف وحدة سكنية سنويًا فيما تقدر احتياجات جدة من الوحدات السكنية حتى 2020م بنحو مليون وحدة، مشيرين إلى أن تقديرات المنشآت العقارية التي يتم تشييدها في جدة خلال العام الجاري لا تقل عن 200 مليار ريال، وستزداد القيمة وتتضاعف في حالة ازدياد وتيرة التشييد والبناء خلال العام الميلادي الجديد. وتوقع الخبراء المشاركون أن تشهد سوق العقارات في المملكة نقلة نوعية وقفزة كبيرة لعدة أسباب؛ من بينها الطفرة التي يشهدها الاقتصاد حاليًا وإعلان الدولة إنشاء عديد من المدن الاقتصادية والمناطق الصناعية في جميع مناطق المملكة، وتزايد الطلب العقاري للارتفاع الملحوظ في نسبة السكان. وشهدت المملكة خلال الفترة الماضية تفاعلا وتجاوبا مؤثرا مع القرارات الملكية الصادرة عن خادم الحرمين الشريفين؛ ومن أبرز هذه القرارات ما يتعلق بموضوع التمويل العقاري، والخاصة بدعم الصندوق العقاري بمبلغ 40 مليار ريال، والهيئة العامة للإسكان بمبلغ 265 مليار ريال لإنشاء 663 ألف وحدة سكنية، ما سيسهم إلى حد كبير في انتعاش القطاع العقاري على مستوى المملكة، وقد تزامن ذلك أيضا مع قيام مجلس الشورى باقرار قوانين منظومة التمويل العقاري.