رد واقعي ودبلوماسي، ولكنه صريح من الملك عبدالله على الرئيس الروسي (ميدفيدف) حول سوريا، وأنها «لا يمكن إطلاقاً -للمملكة- أن تتخلى عن موقفها الأخلاقي والديني» لكن الرئيس الروسي حاول فتح حوار فات وقته بعد اتخاذه (الفيتو) والرؤية السعودية لا يمكن أن تلتقي مع دولة، حتى لو كانت كبرى نصبت نفسها محامياً للقتلة، وعارضت حتى فتح ممرات آمنة لإغاثة الجرحى والجوعى من الشعب السوري، فهذا التصرف يوضع في قائمة التحدي السافر للإرادة الشعبية السورية، والعربية والدولية، وطالما ترى روسيا مصالحها من أفق الوقوف مع الطرف القاتل، فالمملكة لا يمكنها فتح حوار لا يفي بشروط إنسانية، فما بالك بسياسية مع دولة اعتمدت سياسة لا تتفق معنا.. صحيح أن روسيا دولة عظمى وأن الضرورات تبقي العلاقات معها مستمرة، لكن لا يأتي على حساب أخلاقيات العلاقات الدولية، وكما ظلت تقاطع وتتدخل عسكرياً، وتتحالف مع قوى أخرى، فالدول لا ترتهن لمثل هذه الرغبات، وسوريا بلد عربي، وأهميتها للمملكة أكثر من روسيا، وكان على حكومة (ميدفيدف) أن تفكر قبل أن تخطو ما أثار الأمة العربية بأسرها، ومع افتراض أن مصالحها مع الحكم السوري متطابقة عندما منحتها قاعدة بحرية تطل على البحر الأبيض المتوسط، وتواجه أوروبا، مقابل قواعد الأطلسي في آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية، فالسكوت على قتل شعب مقابل هذه الامتيازات بعيد عن أخلاقيات التعامل.. الضرر الروسي في المستقبل البعيد أكثر خطورة عليها، فقد اهتزت الصورة القديمة للاتحاد السوفيتي الذي كان مع القضايا العربية ضد مطامع غربية واضحة، ولم يتعامل العرب بعقلية الجانب الأحادي، فمع أن الغرب هو خصمنا التاريخي، فروسيا دخلت على نفس الخط الواضح والصريح، وبالتالي لا يمكن جعل اللقاء بينها وبين المملكة ومعها دول الخليج مثمراً طالما اتضحت الصورة وأجهضت قراراً أممياً لم تراع فيه مشاعر العرب ومواقفهم.. فالسياسة القديمة التي بنيت على المحاور والحرب الباردة، بأن تُستخدم الدول في معارك بالنيابة عنها، انتهت، وصار الانقسام بين المعسكرات ينظم على سياسات جديدة، والمملكة لا تريد استيراد فلسفة الضد وال«مع» لأنها مستقلة في قرارها وموقفها، ومسؤوليتها تجاه أمتها العربية، فرضت أن تكون صريحة في دبلوماسيتها مع روسيا حتى تظل المصالح متساوية.. نحترم الشعب الروسي، ولا نزال نراه صديقاً، لكن حينما تصبح المواقف مرتهنة لأسباب لا تخدم مواقفنا، تصير الاتجاهات متعارضة ومتقاطعة ومع احترامنا لوزن روسيا الدولي، فذلك لا يمنعنا أن نكون على نفس الخط في الدفاع عما نراه واجبنا.. روسيا تحتاج إلى أن تراجع سياستها قبل أن تخسر الكثير في مواجهات قادمة واحترام الإرادة العربية من احترام روسيا، وفي حالة تنافرت المواقف فكل له طريق يسلكه..