المسلسل السوري بدأت الحلقة الثانية تتجه إلى سيناريوهات أخرى، فنقل الملف للأمم المتحدة قد يلغي اعتراض الصينيين والروس، وتُواجه سوريا باستنكار عالمي، والعرب والغرب يتجهان لعقوبات مختلفة، وتدعيم المعارضة أحد الحلول المطروحة، والعاجلة.. الاجماع العربي قد لا يتوفر كعادتنا أمام قضايانا الحساسة، لكن الأغلبية منحازة للشعب السوري، لأن ما يجري تجاوز منطق الدبلوماسية والحلول اللينة إلى المواجهة الحقيقية، وحتى روسيا التي تحاول أن تبرر وتكابر، بدأت تشعر أن رأياً عربياً وعالمياً بدأ يضعها في كفة الغرب الذي ظلت أحداث المنطقة من حروب واحتلال، وتحالف مكشوف مع إسرائيل، تتساوى مع كفة روسيا والتي لحقتها الصين بدواعٍ غير واضحة، ولكنها غيّرت المفهوم عنها أنها دولة بمطامع، وليست ذلك الحمل الطيب!!! الثورات العربية انطلقت نتيجة تراكم مظالم أحدثها العسكر، أو من ورثوا لأبنائهم الجمهوريات التي اتخذت صفة الملكية التي كانت تنبذها وتحاربها، ومع هذه الأنظمة فقدت الإصلاحات وتجذر الفساد وسنّت قوانين القمع والتهجير ما أفقد تلك الدول خبرات شعبها ومهاراته، وهي خسائر لا تقل عن تردي الاقتصاد الذي بسبب عقلية التأميم وعدم الانفتاح خلق البطالة وتجمد الحياة المالية بأن تنمو أو تستقطب الأموال الخارجية الأخرى.. فسوريا لم يدخلها الهاتف الجوال إلا بعد الصومال بسنوات طويلة، ومكائن الصرف الآلي والتحويلات التلقائية، والمعاملات مع السوق العالمي لم يسمح لها إلا قبل نصف عقد من الآن وفي التجارة والحكم والمناصب العسكرية والمدنية احتكرت العائلة والطائفة كل المناشط والمراكز، وقطعاً لابد من نشوء محاسيب وأزلام تدين للحكم وتتحالف معه حماية لمصالحها، لا تأييداً لسلوكه، وهي حالة طبيعية مع أي نظام شمولي ينتهج القبضة الحديدية والتحول إلى دولة بوليسية.. لقد حاصر العالم نظام صدام، ثم القذافي، وكوريا الشمالية التي وصل نصف شعبها إلى خط الفقر بسبب دكتاتورية الحزب الواحد، فسقطت الأنظمة العربية وتحول غيرها إلى عزلة داخل ستار حديدي جديد، وسوريا لا يمكنها أن توقف شعباً عرف الحرية وتعدد الأحزاب وبرلماناً منتخباً لصالح سلطة قمعية تعيش على فكر هو خليط من نازي وسوفيتي بغطاء طائفي، متحالف مع حكومات طوائف بالعراق وإيران!! لقد أجلت مجزرة حماة لسنوات ثورة أخرى ضد النظام القائم، لكن رياح الثورات العربية وقابلية انتقالها لسوريا، هو الذي فاجأ حكومة الأسد، معتقداً أنه بمناعة، بحكم قبضته من أي تيار جديد، لكن الشعب لا يموت حتى داخل الحصار، لأن الحرية رمز الكرامة والتي تستحق التضحية أياً كان الثمن، والمفارقة العجيبة، أن من ناصرها سواء الروس الذين يتداولون السلطة ضمن ترتيبات تشبه التوريث بين (ميدفيدف) شبه الواجهة مع الحاكم الحقيقي (بوتن) أي انها دكتاتورية بغطاء غير دستوري، كذلك الصين التي وإن انفتحت اقتصادياً وحققت معجزة نمو غير مسبوق، فهي أكبر دولة قمعية للحريات وحقوق الإنسان، وهذا التلاقي مع سوريا لا يفسر إلا أنه نموذج لتحالف بتركيبة الحاجة وطبيعة الأنظمة، لكن الشعب السوري قرر وسار بالطريق الذي تجاوز الجميع..