هناك إجماع بين أمم الأرض على أن القضاء يجب أن يكون مستقلاً عن السلطة السياسية لكي يكون نزيها عادلا. والسلطات السياسية تجمع على أنها بعيدة عن القضاء. إن روح الإسلام تلزم القاضي أن يكون مستقلاً عن أي سلطة وأن يحكم بما يمليه عليه دينه مهما كانت المغريات ومن هنا وجدنا أن البعض كان يرفض القضاء رغم الضغوط الهائلة التي كانت تمارس عليه خوفاً من الوقوع في الشبهات لكن أمثال هؤلاء أصبحوا من النوادر في هذه الأيام.. في الأيام القليلة الماضية قرأت ثلاثة تصريحات للثلاثة الكبار المسؤولين عن القضاء في بلادنا؛ معالي وزير العدل، ومعالي رئيس المجلس الأعلى للقضاء ومعالي رئيس ديوان المظالم، والثلاثة الأفاضل كانوا يتحدثون عن بعض جوانب القضاء في بلادنا، وحديثهم كما أرى يحتاج إلى بعض الوقفات.. معالي الدكتور محمد العيسى بشرنا بقرب صدور نظام التحكيم، وهذا النظام – بحسب قوله – يحوي تحديثات جديدة، كما قال إن هناك دراسة لإنشاء مركز للتحكيم. الشيء الآخر الذي تحدث عنه هو ملتقى البدائل الشرعية، ونشر ثقافة التحكيم، وكذلك اعتماد قائمة بالمحكمين لأن المحكمين سيقللون من القضايا التي تستقبلها المحاكم الشرعية.. معالي الشيخ صالح بن حميد تحدث عن أهمية إصدار الأحكام دون تأخير وأن هناك آلية دقيقة لضبط أداء القضاة ومعرفة سير القضايا وما يدور في المحاكم من أعمال. معالي الشيخ عبد العزيز النصار أكد على أهمية تحقيق العدالة الناجزة، وعلى أهمية تدريب القضاة، ومحاسبتهم، وقال: إن القاضي يعمل يومين كل أسبوع بينما يتفرغ في الأيام الثلاثة الباقية لدراسة القضايا التي ستحال إليه. الحديث الذي أشرت إليه جميل – لا شك في ذلك – وجميعه يتجه نحو تسهيل عملية التقاضي على المواطن، وتسهيل إيصال الحقوق لأصحابها والحديث عن بعض الوسائل التي تحقق ذلك.. أعرف أن هناك عملاً جاداً لتطوير مرفق القضاء، وأعرف أن هناك مشروعاً لخادم الحرمين لتطوير القضاء واعتمد له مبالغ طائلة اعترافاً بأهمية هذا المرفق وسعياً لتسهيل إيصال الحقوق لأصحابها. ومع هذا كله لازال هناك الكثير مما يجب عمله!! المواطن لا يكفر بالطريقة التي يفكر بها الوزراء.. كل الذي يهمه أن يجد من يسهل له أمره وبأقصر وقت ممكن.. لكن هذا لا يحدث دائماً!! أعرف أن هناك تقدماً ملحوظاً في هذه العملية – الوقت – لكن المطلب أن يكون التأخير هو الاستثناء وليس القاعدة. تدريب القضاة في غاية الأهمية، وأيضا إيجاد الوسائل الحديثة التي تخدم القضاة مطلب ملح، إلى جانب توفير من يسهل عمل القضاة من المساعدين والإداريين.. وقد سمعت مع معالي الدكتور محمد العيسى أنه يعمل على ذلك ولعل تحقيق نتائج العمل تظهر قريباً وإلا فالبديل زيادة الأعداد وبحجم العمل الذي يتزايد يوماً بعد آخر.. الوزير العيسى قدم عملاً رائعاً في كتابات العدل، وأيضا لعل هذا المشروع يشملها جميعها، ثم يشمل المحاكم، وهذا الذي يعجل بإنهاء القضايا.. وإذا حقق المجلس الأعلى للقضاء جانب الرقابة على مستوى العمل وأداء القضاة أصبح المشروع متكاملا وعندها – حسب ظني – أن المواطن سيشعر أن هناك تغييراً حقيقياً انعكس عليه وهذا هو المطلب الحقيقي.. في ديوان المظالم قضايا مضى عليها سنوات لم تتقدم، وآلاف المواطنين يتضررون من كل ذلك التأخير الذي لا أعتقد أن له مبرراً؛ ومثال ذلك الذين سرقوا أموال المواطنين بمساهمات، وتشغيل أموال.. والسؤال: إلى متى والديوان لم يبت في هذه القضايا ونحن نتحدث عن الدقة والإنجاز؟! وأخيراً، القضاء عنوان تقدم الأمة ومحط آمالها وأي خدش فيه سيدفع الجميع الثمن غالياً..