انباؤكم - د . سعد بن عبد القادر القويعي كل يدخل البحث العلمي بمفرده , إلا أن قليلا من هؤلاء من يستطيع تنظيم سير العقل , وعصف الذهن بما يتوافق مع القواعد العلمية ؛ ليكون لها سندا . وأحسب أن من أكتب عنه هذه المرة , شخصية أدبية مميزة , وقلما رائدا في مشهدنا الأدبي , والثقافي , استطاع جمع الحقائق العلمية في مؤلفاته بشفافية , ومصداقية من مختلف المصادر , والمراجع , وغربلتها , وتصنيفها , وتبويبها , وتمحيصها بدقة , ثم تحليلها . سعدت وأنا أقرأ - قبل أيام - , ما أشار إليه - الأستاذ - يوسف بن محمد العتيق إلى المنجز العلمي الكبير : " مصادر الأدب عند ابن خلدون " , للدكتور عبد العزيز الفيصل , ووصف الجهد : " بالتفصيل الناتج عن البحث , والاستقراء للكثير من أمهات كتب الأدب بطريقة علمية ، حيث خرجت هذه الدراسة في قرابة السبع مائة صفحة من الحديث العلمي المركز , الناتج عن جهد , وبحث , واستقراء مرهق لا يعرفه إلاّ من قلّب الكتب , والمراجع المخطوطة , والمطبوعة القديمة , والحديثة ، وهذا فن لا يتقنه إلاّ الكبار " . - ولا شك - أن لأديبنا يد في خدمة هذا النوع من العلم . فهو عَلَمٌ انفرد بأصالة إبداعه , وعمق منهجه عن خبرة , ودراية بأصول تخصصه , وقواعده . وهو ما انسحب على أسلوب تفكير - الدكتور - في البحث العلمي , عندما ألمّ بأدوات البحث المتباينة , وأعمل فكره , وموهبته - من خلال - العملية النقدية غير التبريرية , وتركيزه في منهجيته , ثم عمومية بدايته , ونهايته . خارطة الكتاب توزعت على ثمانية فصول ، تحدث في الفصول الأربعة الأولى عن المصادر الأساسية بشكل عام , تحت العناوين التالية : أصول المصادر الأدبية ، ووسائل وجود المصادر الأدبية ، والمصادر الأدبية المدوّنة في العصر الجاهلي ، والمصادر المدوّنة في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - , والخلفاء الراشدين . ثم خصص المؤلف الفصول الأربعة الأخيرة ؛ للحديث عن أربعة كتب متقدمة , استفاد منها ابن خلدون ، وهي : أدب الكاتب لابن قتيبة ، والكامل للمبرد ، والبيان والتبيين للجاحظ ، والأمالي وذيله لأبي علي القالي . وقد أشار المؤلف في المقدمة إلى أن أهمية الموضوع , تأتي من علاقته بتراثنا العربي , وبلغتنا العربية , وتقريب كتب الأدب إلى القارئ العربي ، وأن السبب الرئيس في اختيار هذا الموضوع , هو تسليط الضوء على الكتب التي وصفها ابن خلدون , بأنها : أصول الأدب , وأركانه ، وهي : أدب الكاتب ، والكامل ، والبيان والتبيين ، والنوادر . وعندما نقف في هذا المقام مع نموذج , تميز بسعة الإطلاع , وعمق التفكير , سيظهر حضور المنهج الاستقرائي في المنهج العلمي . إذ أن مخرجات , وضوابط البحث العلمي , تتجسد في قدرات - الدكتور - عبد العزيز على تخطيط المؤلف , وتنفيذه , وتقييم نتائجه , بناءً على خبرته العالية في الوصول إلى النتائج المطلوبة , والتي تتفق مع الواقع العلمي , من جهة . ومن جهة أخرى , تحقيق عامل الثقة الكاملة في نتائج البحث المتوقعة . ولأنني أعرف تواضعه العلمي , وتفاديه الزهو بقدراته , فإنني أقول : إذا كان هذا الكم الكبير من مؤلفات أديبنا , قد أصبحت سمة واضحة , وملموسة لجهده المبارك , مكنتنا من اختصار الوقت , والوصول إلى النتائج من أقصر الطرق , فإن ضرورة العناية العلمية , والمعرفية بتراث - الأستاذ - عبد العزيز , - لاسيما - في جانبه المنهجي , في سبيل تفعيل مجموع المعرفة العلمية عن طريق التقنيات الحديثة , سيكون مطلبا مهما . وهنا يبرز دور الجامعات العلمية , والمؤسسات الأكاديمية في دعم هذا النشاط العلمي الحيوي , والوصول إليه ؛ ليكون رافدا أصيلا , يضاف إلى رصيد الفكر الإنساني . [email protected]