عبد الله باجبير - الاقتصادية السعودية أجري أخيراً في ""الولاياتالمتحدةالأمريكية"" بحث ميداني موسع يدور حول عدة أسئلة منها: هل تعتقد أنك سعيد جداً؟ أو سعيد إلى حد ما؟ أو ليس سعيداً بالمرة؟ وكانت نتائج هذه الأسئلة التي وجهت إلى عيّنة عشوائية مثيرة، فقد قال الأغنياء إنهم أسعد من الفقراء، وهو الأمر الذي وجد فيه القائمون على البحث تناقضاً يحتاج إلى شيء من الشرح والتفسير، وهو أنه في الدول الغنية لم تتزايد سعادة الناس فيها بتزايد ثرائها، وينطبق هذا على دول مثل ""الولاياتالمتحدةالأمريكية"" و""اليابان"". وجاء المقال الافتتاحي في صحيفة ""الإيكونوميست"" البريطانية لكي يعلق على هذا التناقض الذي تعيش فيه الدول الغنية، حيث لم تتزايد سعادة أفرادها بزيادة ثرواتهم. أوضحت الصحيفة أن علم السعادة، ذلك العلم الجديد الذي يدرس في الغرب يقدم تفسيراً لهذا التناقض، هو أنه إذا كانت الرأسمالية الغربية بارعة في تحويل الرفاهيات إلى ضرورات وفي أن تضع في إمكانات الجماهير كل ما كان وقفاً على الصفوة أو الفئة المختارة (وهو ما ثبت فشله أخيراً في الأزمة المالية العالمية) لكن البراعة هذه تعني أن الكماليات أصبحت أمراً مفروغاً منه بدلاً من كونها في السابق طموحات مشتهاة، وأن الكماليات صارت من ضرورات حياة الأفراد ولا يمكنهم الاستغناء عنها، وهذا يعني على حد قول الصحيفة أن الأفراد حين حققوا مستوى معيشة أفضل أصبحوا غير شاعرين بالسعادة التي يتحدث عنها رجال السياسة والاقتصاد في بلادهم. وتقدم الصحيفة بعض النماذج التي تشير إلى افتقاد الأفراد في الغرب السعادة الناجمة عن استحواذهم على بعض الأشياء، مثل الوظيفة العليا والتعليم الأمثل والسكن في حي راق، وترجع الصحيفة ذلك إلى أنه إذا كانت هذه الأشياء في الماضي كماليات فقد أضحت في الوقت الراهن ضرورات لا يمكن الاستغناء عنها، بل تتسبب في شعورهم بالتعاسة إذا لم يحصلوا عليها، وطالما أن مثل هذه الأشياء أصبحت في متناول الجميع فلم تعد من الامتيازات التي يمكن الاستمتاع بها. وتتحدث صحيفة ""الإيكونوميست"" أيضاً بشيء من الانتقاد لآراء بعض كبار علماء الاقتصاد مثل ""جون كير"" الذي كان يرى أن المجتمعات الأكثر ثراء تتمتع بأوقات فراغ أكثر تمكنهم من الاستمتاع بمباهج الحياة، فتقول الصحيفة إن المواقع الآن تشهد أناساً يعملون ساعات إضافية حتى يمكنهم الحصول على متع الحياة، وهذا يعني أن قلة ساعات العمل لا تعني سعادة أكثر. وتضيف الصحيفة معلقة أن قلة ساعات العمل في ""أمريكا"" أدت إلى أن يجنح الأمريكيون إلى ملء أوقات فراغهم بمشاهدة التلفزيون، وأن كبار السن في ""أمريكا"" الذين يعتزلون العمل مبكراً لا يشعرون بالسعادة ولذا فإنهم يتوفون في سن أصغر من الذين يستمرون في عملهم سنوات أكثر.