د. نعيمة إبراهيم الغنّام - اليوم السعودية «إذا عقر كلب رجلاً فهذا خبر عادي، أما إذا عقر رجل كلباً فهذا خبر يستحق النشر»، هذه المقولة القديمة حقيقية تماماً بالإعلام، الذي يهتم بكل ما هو مثير للقارئ، ولو تتبعنا الصفحات الكثيرة التي تناولت قضية «مغتصب الأطفال» فسنجد أن غالبيتها يهتم بالمجرم أكثر من الضحايا، وقد بحثت بين سطور المنشور حول القضية فوجدت كل المعلومات المتاحة عن المجرم، عمله، عائلته، أمراضه النفسية، ولم أجد سوى بعض التلميحات للضحايا، ولم أجد أبداً أي تناول لما تستحقه الضحايا من اهتمام، فمن المعروف أن المغتصبة، تحتاج سريعاً للعلاج والتأهيل النفسي والمجتمعي، الضحايا بحاجة ماسّة لرعاية كاملة من المجتمع، برنامج تأهيل نفسي تقوم عليه متخصّصات بمثل تلك الحالات، ويمتد برنامج التأهيل ليشمل الأسرة من أب وأم وإخوة، بل يمتد ليشمل كل المحيطين بالضحية، ويجب توعية الأهل بحجم المأساة التي تعرّضت لها الضحية. والرعاية الكاملة من الدولة قبل الأسرة التي غالباً تحتاج هي أيضاً للتأهيل، لقد جمعت السطور القليلة التي تحدثت عن الضحايا، ووجدت أننا أمام كارثة إنسانية يتناولها الإعلام بسطحية واضحة، فهناك طفلة من باكستان معرّضة للقتل من قبيلتها بعد العودة لأن العرف المتخلف وغير الإنساني يقضي بقتل المغتصبة دفناً للعار، وهناك ضحايا عوقبن بالهجر من الأب وتفكّك الأسرة هرباً من عار متصوّر وغير حقيقي، إن ضحايا جرائم الاغتصاب خاصة الأطفال يحتاجون لأكثر من عقاب المجرم، فالمغتصب إن كان سليم العقل والنفس سيعدم بالتأكيد، وإن كان مريضا حقاً سيعزل عن المجتمع بقية عمره، وفي كلتا الحالتين لن تستفيد الضحايا شيئاً، بل هن معرّضات لعذاب طويل، نظرة العار، الخوف من المجتمع، بل معرّضات للقتل المادي وليس المعنوي فقط، كل المنشور حتى الآن يؤكد على عقاب المجرم، فماذا عن الضحايا؟ وأيهما أهم؟ الضحايا بحاجة ماسة لرعاية كاملة من المجتمع، برنامج تأهيل نفسي تقوم عليه متخصصات بمثل تلك الحالات، ويمتد برنامج التأهيل ليشمل الأسرة من أب وأم وإخوة، بل يمتد ليشمل كل المحيطين بالضحية، ويجب توعية الأهل بحجم المأساة التي تعرّضت لها الضحية، ويجب على المجتمع أن يغيّر نظرته للمغتصبة فيقبلها ويرعاها كضحية تحتاج للدعم وليس العقاب، والحكومة مسئولة عن حماية الضحايا من أي عنف محتمل أو متوقع، حتى لو كان هذا العنف سيتم خارج المملكة، إن حماية الضحايا حق إنساني وواجب ديني وأخلاقي، دعونا من المجرم فهو بين يدي القضاء، وتعالوا نقم بواجبنا تجاه الضحايا، فهن معرضات لما هو أسوأ.