عبد اللطيف بن عبد الرحمن الملحم - اليوم السعودية أول مرة أرى فيها امرأة تقود سيارتها الخاصة في المملكة كان في الحي السكني بأرامكو في الظهران وأنا في الصف الأول الابتدائي في بداية الستينيات أي قبل ولادة منال الشريف، والغريب في الأمر أن جميع السعوديين كانوا ينظرون للأمر نظرة طبيعية وفي ذلك الوقت كانت جاذبية السيارة أكثر، لأنه لم يكن يمتلك السيارات إلا القليل من الرجال، لذلك لم يكن امتلاك سيارة أو قيادتها بالنسبة للعنصر النسائي شيئا مطروحا على طاولة النقاش. كانت السيارات قليلة في جميع المناطق، وكنا ننسب السيارة لاسم العائلة وليس لشخص معين وليست كل عائلة لديها سيارة، وبسبب قلة عدد السيارات كنت أعرف أسماء ملاك السيارات في محيط مدينة الهفوف، وكنا دائما نقول: قيادة المرأة تحددها الحاجة لها لأن كل مدينة في المملكة تختلف عن الأخرى، وكذلك الوضع الاجتماعي في كل عائلة يختلف عن الأخرى، لكن هل المجتمع جاهز لرؤية المرأة تقود السيارة ؟ و كذلك من يحدد إذا كان المجتمع جاهزا أم لا ؟ وهل يجب أن نقوم بتجهيز المجتمع لقيادة المرأة أم نعتبر أي تجهيز يعتبر إشارة للموافقة؟ وهل نترك الموضوع دون وضع إشارات واضحة ؟ هذه سيارة آل فلان وليس سيارة فلان، ومع مضي الوقت لاحظت أن الكل يتحاشى الحديث عن قيادة المرأة، وعند تخرجي في مدرسة الهفوف الثانوية عام 1974م سافرت لأمريكا للدراسة وأثناء الدراسة في أمريكا كنت أعطي بعض المحاضرات عن السعودية كأحد متطلبات الدراسة ومن ثم محاضرات رسمية وكان سؤال المستمعين الأمريكان الأكثر إثارة عن استغرابهم من سبب عدم قدرة المرأة السعودية على القيادة، و بكل صراحة كنت أتوقع أنه بحلول عام 2000م ستبدأ الدولة أو المجتمع دراسة وضع القيادة بالنسبة للنساء لأن الوضع الاجتماعي بدأ يتأثر في المملكة بسبب الزيادة الواضحة في عدد السائقين الأجانب وأثرهم في المجتمع وداخل المنزل، والآن نحن في العام 2011م ولا نزال منقسمين بين مؤيد ومعارض وأصبح المجتمع رهينة قضية كان بالإمكان تفاديها منذ زمن طويل، وكنت أتمنى لو أن قيادة السيارة قد تم البت فيها بطريقة التوسع في دائرة المناطق المسموح فيها بقيادة المرأة، لأننا نعلم أن المملكة مترامية الأطراف وتوجد عادات مختلفة من مكان لآخر وما هو مناسب لمنطقة معينة قد لا يكون مناسبا لمنطقة أخرى، ورأيي المتواضع هو أن قيادة المرأة تحددها الحاجة لها، لأن كل مدينة في المملكة تختلف عن الأخرى، وكذلك الوضع الاجتماعي في كل عائلة يختلف عن الأخرى، لكن هل المجتمع جاهز لرؤية المرأة تقود السيارة ؟ كذلك من يحدد ما إذا كان المجتمع جاهزا أم لا ؟ وهل يجب أن نقوم بتجهيز المجتمع لقيادة المرأة أم نعتبر أي تجهيز يعتبر إشارة للموافقة؟ وهل نترك الموضوع دون وضع إشارات واضحة؟ في الحقيقة أننا تركنا هذا الموضوع المهم والحساس للآراء والاجتهادات الشخصية، ولم نضع النقاط على الحروف، لانه لا أحد يريد أن يعطي الجواب النهائي للسؤال الآتي: هل ستقود المرأة السعودية أم لا ؟ وهل قيادة المرأة حلال أم حرام؟ في الواقع لا أحد يريد أن يجيب، لهذا السبب قامت مواطنة سعودية اسمها منال الشريف بقيادة سيارتها فهي حسبما سمعت موظفة في أرامكو وهي تقود السيارة في محيط عملها ولم يسبق لها أن سمعت بفتوى دينية صريحة تحرم قيادة المرأة ما عدا الكلمة المطاطة فيما يسمى سد الذرائع، لهذا أود أن أوجه بعض الأسئلة لمعارضي قيادة المرأة وهي: إلى متى تعتقد أن المجتمع سيظل معارضا لقيادة المرأة للسيارة؟ وكذلك ماذا لو بدأت المرأة تقود السيارة فهل سيسمح لابنته أو حفيدته بالقيادة لاحقا ؟ أنا أسأل لأن معارض القيادة يجب أن يعلم أنه إذا كانت قيادة المرأة السيارة حراما في العام 2011م فهي حرام أيضا عام 2020م، بمعنى آخر هناك من أفتى بأن الصحن اللاقط (الدش) كان حراما في عام 1993م، وأصبح حلالا في عام 1997م. والآن... المواطن والمجتمع لابد أن ينظرا لهذا الموضوع بتجرد من العاطفة وبموضوعية، فهل سألناها: لماذا كانت تقود سيارتها؟ هل كانت ستوصل مريضا إلى مستشفى أم لتقوم بالتفحيط أم لتختبر رد فعل المجتمع؟ والمواطن يريد أن يعرف هل لو دخلت شوارع الخبر على ظهر بعير فهل كان سيتم توقيفها؟ وماذا لو صادف في تلك اللحظة أن هناك امرأة أخرى تقود سيارتها لتوصل ابنها المصاب ولم يكن أحد في المنزل فهل سيقبض عليها ؟ أنا أعتقد أن موضوع قيادة المرأة يجب أن يناقش بموضوعية وبشفافية، لأن قيادة المرأة ستقلب المجتمع رأسا على عقب، لأن التغير الاجتماعي في المملكة سيكون كبيرا ولابد من الاستعداد للتغيير.