في ظل الفوائض المالية الضخمة للدول الخليجية يحبذ الكثيرون من ابنائها الالتفات الى التنمية الداخلية مع اعادة النظر في كل البنى القائمة تجاه تطويرها حتى يمكن الاستفادة من الفوائض المالية والحرص على ان يستفيد منها كل فئات المجتمع. ما يجري ان هناك تفاوتا كبيرا بين دول الخليج للاستفادة من الفوائض المالية التي بلغت ارقاما خيالية، فالمملكة العربية السعودية تمكنت من توظيف جزء كبير من تلك الاموال في مشاريع تنموية خلقت فرصا كثيرة للعمل، وادخلت اصحاب المبادرات ضمن تلك المشاريع. وربما تكون قطر المستفيد الاكبر من تلك الفوائض ايضا، فهي تشهد نهضة شاملة، والعمل يجري على قدم وساق نحو تحديث كل شيء، ان على صعيد المباني او البنى الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك دولة الامارات العربية المتحدة التي قطعت شوطا كبيرا في تنمية الفرد قبل ان تنمي قطاعاتها الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك سلطنة عمان التي تمكنت رغم قلة مواردها من استيعاب الفوائض المالية التي حصلت عليها لتضخها في عروق اقتصادها وشبابها، ولعلها الدولة الوحيدة في منظومة الخليج التي تملك اقتصادا حقيقيا. هناك دولتان فقط في المنظومة الخليجية لم تتمكنا من الاستفادة من الفوائض المالية الناتجة عن ارتفاع اسعار النفط الى معدلات لم تصل اليها من قبل، احداهما الكويت والاخرى البحرين، ولكل واحدة اسبابها، فالكويت رغم ضخامة فوائضها فان عدم قدرة الحكومة لاسباب بنيوية تخصها افرغ خطة التنمية من محتواها، وجعل القطاعات المعنية تراوح مكانها، فالعجز تسرب الى كل القطاعات بسبب تردد الحكومة وخوفها وارتباك اولوياتها. الحكومة للاسف عجزت عن دعم الشركات المتضررة من الازمة الاقتصادية، وتركتها تواجه مصيرها من دون ان تتدخل لمراجعة اوضاعها ثم البحث عن الحلول الناجعة لها، كما عجزت عن اطلاق المشاريع المساندة للتنمية مثل تجديد الخدمات الصحية والتعليمية والاسكانية وغيرها، ووقفت عاجزة ايضا عن خلق مبادرات يمكن ان تستوعب الشباب في مشاريع خاصة تخفف العبء عن الباب الاول في الميزانية، لذا فإن اوضاعنا متردية بعكس الدول الاخرى. البحرين مشكلتها في شقيقاتها الخمس، فهناك فوائض مالية كبيرة يبحث جزء كبير منها عن فرص استثمارية في دول بعيدة فيما لديها كل مقومات نجاح اي مشروع استثماري، فهناك عمالة ماهرة صرفت عليها الحكومة البحرينية الاموال الطائلة من اجل تجهيزها للمستثمرين، كما ان هناك قوانين استثمارية مرنة يمكن الاستفادة منها الى ابعد الحدود، بالاضافة الى القرب الجغرافي والموانئ الجاهزة للتصدير، وكذلك البعد الامني الحاضر دائما في كل المشاكل التي تواجهها. ليس هناك ما يمنع ان تقوم الحكومات الخليجية الخمس بإنشاء صندوق استثماري يمول بمليار دولار على الاقل يخصص فقط للصرف على مشاريع المبادرات الفردية للشباب في البحرين على ان يكون هناك مؤسسة ترعى تلك المبادرات وتوجهها الوجهة الصحيحة، وتضمن ان يستفيد منها الجميع وان يضمن ذلك الصندوق في جدول اعمال القمة الخليجية المقبلة من اجل تدارسه والخروج بما يضمن تنفيذه.