يوسف الكويليت *نقلا عن "الرياض" السعودية. انتهى الشوط الأول من انتخابات العراق، ولكن بقي من يحمل كأس التوافق الوطني ولعلنا نأمل ألا ينجر بطلا السباق إلى نشر الخصومات وأن يرتفعا بذواتهما عن خلق افتراق نهائي بين الفصائل التي لا تزال لديها قابليات الصدام وعندها سيكون الجميع في حفلة الموت التي لن توفر الكبار والصغار.. لسنا مع علاوي، ولسنا ضد المالكي، لكننا منحازون، بكليتنا إلى العراق كوطن للجميع، ولعل الشعب العراقي العظيم الذي تعالى على جراحه ومصائبه، استطاع أن يرفض الفئوية والمحاصصة الطائفية عندما تحالف السنّة في انتخاب شيعي وكذلك شيعة وطوائف أخرى فضلت أن تعطي أصواتها لمن يملك القدرة على إخراج العراق من وضعه المعقد.. المرحلة دقيقة وحرجة، لكن تجربة الحروب ثم الاحتلال، وبعدهما صدام الشوارع، والتفخيخ والهجرات الكبيرة، أعطت العراقيين نضجاً مبكراً بعربه وسنتّه وشيعته وأكراده، وكل بقايا التشكيل الاجتماعي، ولو قدر أن يخرج من وضعه الراهن إلى تسخير طاقاته للبناء وتعزيز الوحدة الوطنية وتساوي كل الفئات أمام الدستور، فإن إمكانات العراق الهائلة قادرة أن تخلق فرصاً للجميع، لكن لو حدث أن أصبح الخلاف على هل أم علاوي لبنانية، أو أن مزدوجي الجنسية هم من حكم العراق، فإن الكرة ستكبر لنعيد سيرة صدام الفئات، ويأتي القبول بالنتائج خطاً فاصلاً بين إحداث تغييرات جوهرية في الساحة العامة، أو تأزيم الأوضاع وإخراجها من مسارها إلى الفوضى المدمرة.. في الديموقراطيات العليا الناضجة نرى المتسابقين يقران بالواقع وتنتهي بالمصافحة، ثم التعاون في مجالات وطنية تحتاج جهود القادة، حتى ان من خرجوا من البيت الأبيض أو رئاسة الوزارة في دول أوروبية، نجدهم في ساحة العمل الداخلي والخارجي ولم تفرقهم أحزابهم عن أداء الواجب الوطني، ومع أن العراق يفتح ميداناً جديداً في العمل الديموقراطي، فإن نجاحه سيكون خطوة لتطبقها أنظمة أخرى لأن وجود النموذج سيخلق فرصاً جديدة لبلدان عربية أو إسلامية أخرى، لكن لو تعاكست الأمور فإن إطلاق الأحكام على استحالة تطبيق النظام البرلماني والديموقراطي في الساحة العربية، سيكون مخيباً للآمال ومعطلاً لدوره ويصل بها الوعي السياسي والاجتماعي إلى نتائج سيئة إن لم تكن قاتلة.. هناك مقولة عربية شهيرة «أن لا حرب بدون مصر، ولا سلام بدون سوريا» ونضيف لذلك أن لا استقرار بدون العراق، ولا تنمية بدون استراتيجية عربية شاملة، وبالتالي عندما يدخل العراق الموحد ساحتنا سيكون إضافة لقوتنا وليس العكس طالما ظل تاريخه ووجهه عربيين بدون نكران لأي فئة أو استبعاد لأخرى مثلما حدث ما بعد انقلاب 1958، والذي جاء نقطة تحوّل في مضاعفة النكسات وعدم الاستقرار في كل عهوده اللاحقة..