نتمنى أن يعود الدفء للعلاقات العربية مع العراق، وأن تنجح القمة العربية هناك بدون معوقات أو خلافات على جدول الأعمال، لكن ما هو مخيف أن التفجيرات الأخيرة أياً كان مصدرها، هزت الثقة بالأمن العراقي، ونعرف أن أطرافاً عديدة لا تريد لهذه القمة أن تعقد، وخاصة تبني موضوع سوريا على رأس الموضوعات الأساسية الملحة.. في الداخل العراقي يجري جدل بين المالكي وعلاوي على ضوء خلافات على استراتيجية عمل الحكومة واحتكار السلطة وإبعاد عناصر أخرى، مما تسبب في تصاعد التصريحات التي تذهب إلى إدانة كل طرف للآخر، وعلى نفس الخط دخل البرزاني الزعيم الكردي بتصريحات وصلت إلى اتهام المالكي بالدكتاتورية، وكشأن داخلي ليس للقمة فيه أي غاية، إلا أن وحدة الرأي الداخلي مهمة جداً، لأن عزل قوى فاعلة سيخلق أزمة حضور بالتمثيل العراقي، وقد يضعف مستوى العمل في داخل القمة. هناك أمر آخر ربما يفضل العراقيون عدم طرحه على القمة، وهو الشأن السوري لأن العراق واقع بين ضغط إيران الواضح، والتي لديها رؤية سلبية عن أي تجمع عربي، وهناك من يجامل الدبلوماسية السورية بأن لا يكون العراق مع الرأي العام العربي الذي يريد وقف القتل وتنفيذ مشروع الجامعة العربية كحل توافقي يبعد سوريا عن مأزق الحرب الأهلية والتمزق إذا ما أصبحت ساحة تجاذب بين قوى مختلفة، لكن نعرف عادة أن الدولة المضيفة ليست من يقرر طرح الموضوعات أو إيقافها، لأن هذا شأن الجامعة المسؤولة عن جدول الأعمال. التمثيل قد لا يكون بالمستوى الأعلى بحيث تستضيف بغداد كل الزعماء ولو وصل الحضور إلى سبعين في المائة، فهو جيد، لكن هواجس الأمن ستكون العائق الأكبر، وما لم تتوفر حماية كبيرة، فقد تطرأ مشكلة تؤدي إما إلى تأجيل القمة لوقت آخر، أو إلغائها، وكلا الأمرين سيئ، لأن عودة العراق لمحيطه العربي، أمر مرحب به في كل العواصم. صحيح أن العراق لايزال يدفع ثمن الاحتلال، وتشرذم فئاته الدينية والقومية والعشائرية، وصحيح أن الخلافات التي عصفت بين ائتلاف دولة القانون، وائتلاف العراقية، وجعل الريبة والشك واستعمال بقايا البعث وروح صدام حسين والقاعدة أدى إلى خلق أجواء طائفية يعلن بعضها صراحة اقصاء أخرى، مما يهدد وحدة الوطن الذي لم يبق منه بعيداً عن التسخين الذي يصل إلى التفجير والتصفيات والسجون إلا الإقليم الكردي. في العراق تبرز أصوات تحالفات، وتقسيمات اقليمية، ويصبح بعشرات الصحف ومحطات الفضاء، وبعضها أصبح مديناً لسوق الإعلام الذي يدفع أسوة بما حدث في لبنان، وهو لا يخدم واقع العراق الذي يمر بحالة معقدة تبعاً لتراكم سنوات الانقلابات والحروب، ثم مأساة التقسيمات العرقية والطائفية. أن تنجح القمة في العراق، نجاح لكل العرب، وشلها مضر بالجميع، ولذلك لا بد من وقفة ايجابية، داخلية عراقية بتسوية الخصومات، وعربية بدعم توجه العراق الجديد، لأن عزله ليس منطقياً حتى لو اختلفت التوجهات والآراء، طالما التاريخ ثري بإيجاد المنافذ نحو عصر جديد، بعمل وعقل جديدين.