السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. هل يجوز الدعاء للمرضى غير المسلمين بأنّ الله يشفيهم..؟ علمًا أنهم غير حربيين.. وجزاكم الله خيراً.. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالدعاء لغير المسلمين (الكفار) فيه تفصيل: فإذا كان استغفاراً لهم فهذا لا يجوز بنص القرآن. قال تعالى: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ" [التوبة:113]. وثبت في صحيح البخاري قوله –صلى الله عليه وسلم- في عمه أبي طالب: (لاستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك) فنزلت الآية الآنفة، وفي مسند أحمد قوله –صلى الله عليه وسلم- في شأن أمه: (سألت ربى عز وجل أن يأذن لي في زيارة قبر أم محمد فأذن لي، فسألته أن يأذن لي فأستغفر لها فأبى). أما إذا كان الدعاء للكافر بغير المغفرة، كالرزق والشفاء ونحو ذلك من الأمور الدنيوية، أو الهداية ونحوها من الأمور الدينية فلا بأس بذلك، وبخاصة إذا كان قريباً للداعي كوالد وولد ونحوهما، فقد دعا النبي –صلى الله عليه وسلم- لبعض الكفار بالهداية كما في قوله (اللهم اهدي دوساً) ونحوه. والدعاء للكافر بالشفاء ونحوه من منافع الدنيا إذا لم يكن هذا الكافر حربياً، بل كان مسالماً، أو كان في شفائه نفع للمسلمين، أما المحارب والمعادي ومن يكون في شفائه مضرة على المسلمين فلا يدعى له. وقد دل على هذا الأصل قوله تعالى: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8]. فالدعاء بالشفاء للكافر غير المحارب هو من البر وحسن الخلق، ونظيره أن تجده بحاجة إلى مساعدة وإغاثة وإسعاف فمن البر والشهامة وحسن الخلق فعل ذلك معه. بل نصَّ الفقهاء على جواز تعزية الكافر بأن يدعى له بالرزق والصحة ونحو ذلك دون أن يدعى له بأن يعظم الله له الأجر. ويمكن أن يستدل لهذه المسألة بما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن ناساً من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- أتوا على حي من أحياء العرب فلم يَقْروهم [يضيفوهم] فبينما هم كذلك إذ لُدغ سيد أولئك [لدغته عقرب] فقالوا هل معكم من دواء أو راقٍ؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلاً [عطاءً] فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بُزاقه ويتفل، فبرأ فأتوا بالشاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي –صلى الله عليه وسلم- فسألوه، فضحك وقال: (وما أدراك أنها رقية؟! خذوها واضربوا لي بسهم). فهذا الحديث دل على جواز رقية الكافر، والرقية دعاء له بالشفاء، لكن هذا الاستدلال يتوقف على كون هذا الحي من أحياء العرب كانوا كفاراً، وهذا ما لم أستطع التثبت منه وإلا كان نصاً في المسألة، لكن عموم الآية السابقة كافٍ في جواز ذلك. والله أعلم.