تلقت الليرة التركية ضربة جديدة، من المتوقع أن تؤثر على شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، وذلك قبل أيام من الانتخابات البلدية في آخر يوم من مارس الجاري. وتراجعت الليرة التركية بما يزيد عن 5 في المئة أمام الدولار الأميركي، الجمعة (22 مارس 2019م)، مسجلة أكبر هبوط ليوم واحد منذ أن استحكمت أزمة العملة في أغسطس الماضي، بحسب ما ذكرت رويترز. وأثار هذا التراجع مخاوف من أن الأتراك سيعمدون إلى زيادة مشترياتهم من النقد الأجنبي، وسط تدهور في العلاقات مع الولاياتالمتحدة، الأمر الذي قد يدفع الناخبين الأتراك إلى التصويت ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم. وسجلت الليرة 5.7549 مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر الماضي، منخفضة 5.3 بالمئة عن مستوى الإغلاق السابق البالغ 5.4650. وخسرت الليرة حوالي 30 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار العام الماضي، مع قلق المستثمرين بشأن قدرة البنك المركزي على كبح التضخم، وسط دعوات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لخفض تكاليف الاقتراض. ونقلت صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية، عن محللين اقتصاديين قولهم إن الضعف في الليرة يبدو أنه دفع البنك المركزي في البلاد إلى محاولة تشديد السياسة النقدية لوقف الانخفاض. وقال مسؤول بالبنك المركزي التركي ل(رويترز)، إن الهبوط في احتياطيات البنك من العملة الأجنبية نتج عن مبيعات للنقد الأجنبي قيمتها 5.33 مليار دولار إلى شركات استيراد الطاقة وتسديد دين خارجي. قلق أردوغان لكن ما يقلق الحزب الحاكم وأردوغان أن تهاوي الليرة التركية يأتي في وقت حساس للغاية، إذ يستعد الحزب لخوض الانتخابات البلدية في 31 مارس الجاري وسط أزمات اقتصادية وسياسية لا تزال تعاني منها تركيا منذ سنوات. وأعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، أنه سيخوض الانتخابات البلدية بالتحالف مع حزب الحركة القومية، وهو التحالف ذاته الذي خاض به الحزبان الانتخابات البرلمانية والرئاسية في يونيو 2018. ومنذ أزمة الليرة في أغسطس الماضي، ارتفعت ودائع الأفراد الأتراك بالنقد الأجنبي، وسجلت مستوى قياسيا في 15 مارس الجاري، مما يشير إلى عزوف عن العملة المحلية. لكن هذا العزوف قد ينسحب أيضا على الانتخابات البلدية، إذ ينتاب الحزب الحاكم مخاوف من عزوف الناس عن الانتخابات، أو التصويت ضد حزب أردوغان الذي أدخل البلاد في أزمات اقتصادية وسياسية عدة. وأثار هبوط الليرة التركية، واحتمالات تداعيات ذلك على الانتخابات البلدية، حفيظة عدد من الجهات التركية، التي فتحت تحقيقا في شكاوى ضد بنوك أميركية تتهمها بالوقوف وراء انخفاض العملة التركية. وقالت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا إنها فتحت تحقيقا بشأن شكاوى ضد بنك الاستثمار الأميركي جيه.بي مورجان وغيره من البنوك بعد تراجع الليرة لأكثر من 5 بالمئة. وقد يبدو التحرك التركي هذا اقتصاديا بحتا، إلا أن دوافع السياسية هي ما تحركه، لا سيما وأن الانتخابات البلدية التي يعول عليها حزب أردوغان كثيرا، تعتبر استفتاء على شعبية الحزب في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ويعد الفوز في الانتخابات البلدية، لا سيما في المدن الكبرى مثل إسطنبول، تمهيدا للحزب الفائز للدخول إلى البرلمان بأغلبية، وهو ما جرت عليه العادة في انتخابات تركية سابقة.