تهاوت الليرة التركية أمس (الجمعة) بعد تشديد الخناق الأمريكي وإعلان الرئيس دونالد ترمب مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم المستوردين من تركيا، على خلفية الخلاف الحاد بين البلدين. وفي محاولة بائسة وصفها مراقبون بأنها نوع من الاستجداء، حضّ الرئيس رجب طيب أردوغان أمس الأتراك على تحويل ما يملكونه من عملات أجنبية لدعم الليرة التي تسارع انهيارها إثر دعوته إلى "الكفاح الوطني" في مواجهة "حرب اقتصادية" تشن على بلاده- على حد قوله-. وتسارع تدهور الليرة مسجلة هبوطا حادا بنسبة 19% في يوم واحد مقابل الدولار. وتعاني العملة الوطنية التي فقدت حوالي 40% من قيمتها مقابل الدولار واليورو منذ مطلع العام، من الأزمة الدبلوماسية الخطيرة بين أنقرةوواشنطن، وريبة الأسواق المتزايدة حيال فريق اردوغان الاقتصادي. وتراجعت الليرة (الخميس) بأكثر من 5% مقابل الدولار غداة مفاوضات غير مثمرة بين دبلوماسيين أمريكيين وأتراك سعيا لتسوية الخلافات بين البلدين. وتتخوف الأسواق من المنحى الذي ستتخذه سياسة أردوغان الاقتصادية، في وقت يتحفظ البنك المركزي التركي على رفع معدلات فائدته للحد من تضخم بلغ معدله السنوي حوالى 16% في يوليو. ورأى المحلل لدى "إكس تي بي" ديفيد تشيثام أن تراجع الليرة"يكشف تخوف المستثمرين بشكل متزايد من أزمة نقدية شاملة وشيك". وتخطى القلق أمس حدود تركيا مع نشر صحيفة "فاينانشل تايمز" مقالة ذكرت فيها أن البنك المركزي الأوروبي يخشى من احتمال انتشار عدوى هذه الأزمة النقدية إلى بعض المصارف الأوروبية الحاضرة بقوة في تركيا. وانعكست أزمة الليرة على أسهم مصارف أوروبية كبرى منها "دويتشه بنك" و"كومرتز بنك" الألمانيان و"يونيكريديت" و"إينتيسا سانباولو" الإيطاليان مرورا ب"سانتاندير الإسباني، فسجلت تراجعا في تداولات قبل ظهر أمس. وقال مايكل هيوسون المحلل لدى "سي إم سي ماركتس" إن "المستثمرين كانوا يعتبرون الأزمة النقدية في تركيا مشكلة محلية. لكن يبدو أن سرعة تدهور الليرة تعزز المخاوف من احتمال انكشاف مصارف أوروبية على النظام المصرفي التركي. وقد سعى وزير المال التركي الجديد براءة البيرق، وهو صهر أردوغان، عبثا منذ تعيينه لطمأنة الأسواق التي تنظر بقلق إلى هيمنة أردوغان بشكل متزايد على الشؤون الاقتصادية وتتخوف من مواقفه البعيدة عن النهج التقليدي.