لا يتشكّل السلوك من دون قناعة، ولا يتكون الفكر من غير رؤى.. ربما يعتقد البعض بأن صفة ما ليست لها أهمية، أو منطلقات فكرية، أو مؤثرات مختلفة.. فالذات تنطلق من فكر، قناعات، تصرفات لذا يكون للعقل مسيرة واحدة قد تتبدل، أو تتغير بحسب كل طارئ، أو ظرف يستطيع تحويل كل ما كان يعتقد أنه ثابت داخل النفس بحسب تبدل المعطى، وتحول القناعة، واتساع مساحة الثقافة.. العقل الفردي خلفه عقل مجتمعي والعكس صحيح فكلاهما مرتبط بما يضيفه كل طرف إلى الآخر من فكر، وقيم، وعادات. الشباب هذه الأيام تعاهدوا بالتأخر في الزواج فلا يتزوج أحدهم إلا وقد نال بعضهم عقد الأربعين.. وحتى صبايانا بالغن بالتبرير لتأخرهن عن الزواج.. أما الأعراس لدينا ففيها فنون التأخر خصوصا أعراس النساء سلوك (التأخر) أو صفة (التأخير) تعيش بيننا.. تستوطن عقولنا.. تستقر بقلوبنا.. تغطي أجسادنا.. ل (تأخر) وجود كبير فتداهمنا بطاقة هائلة من التأخر عن المقدمة في أمور كثيرة.. نعم نحن نتأخر في جلّ الأمور، ومعظم الأشياء.. دعونا نتأمل ذلك. عن الصلاة الكثير يتأخرون فتجد من يتّم صلاته أكثف من الذين بكروا.. والطلاب يحبون التأخر عن المدرسة ويعشقون فنون التأخير ومبرراته ولديهم حكمة لا تؤخر عمل اليوم للغد بل أخّره للأسبوع القادم. جامعاتنا متأخرة في الترتيب العالمي.. والمعاملات في كثير من الدوائر لا تنجز في وقتها، أو مبكرة فالتأخر أصبح عادة ولزمة ملتصقة بها.. ومواعيد المستشفيات التي ترمى في قاع التأخير فيموت المريض ولا يأتي موعده.. ولا ننسى مواعيدنا والتأخر فيما بيننا فلا أظن إلا الندرة مما يأتون على مواعيدهم في وقتها.. ولا تنسوا مواعيد عرقوب أيضا. والشباب هذه الأيام تعاهدوا بالتأخر في الزواج فلا يتزوج احدهم إلا وقد نال بعضهم عقد الأربعين.. وحتى صبايانا بالغن بالتبرير لتأخرهن عن الزواج.. أما الأعراس لدينا ففيها فنون التأخر خصوصا أعراس النساء فلم يعد يكفيهن التأخر إلى آخر الليل بل طال الأمر إلى الصباح وفطوره.. وحتى الزوجان تجدهما يضعان التأخر في الإنجاب خيارا مهما ويمكن نسيانه. وأما رحلات الطيران فلا أظن ان هناك رحلة إلا وتأخرت فصارت عادة (خطوطية)، وخذ حركات التأخر لدى البعض والذين لا يأتون إلا وباب الطائرة سيقفل.. ولنذهب إلى مجال الرياضة حتى منتخبنا الوطني لكرة القدم تأخر مركزه التصنيفي على مستوى الفيفا إلى أن أصبحت دول غير معروفة أسماؤها لنا متقدمة عليه.. ولاعبونا يعانون من تأخر رواتبهم فلا تصرف لهم إلا بعد أشهر طويلة بعد معاناة.. أما في الاقتصاد والمال فمنح الأرض قد تنتقل للورثة، وقروض التنمية تتأخر إلى أن يشتعل الرأس شيبا والقلب هماً.. والمساكن التي وعدنا بها تأخرت كثيرا فكثرت أعداد المستحقين.. وذاك الذي يتدين او يقترض يتأخر في رد دينه وقرضه وتصل إلى الشكوى.. أما المحاكم ومواعيد القضايا فحدث ولا حرج فعنوان التأخر عنوان رئيسي بل يموت ويحيا أناس، ومصالح تتعطل وقضاياها لم تنته.. أما المشاريع لدينا فالتأخر سمة بارزة، وعلامة فارقة فلا يوجد مشروع يمكن ان ينتهي بموعده فيظن أن هناك بندا في العقود اسمه بند التأخير. ختام القول: مادة (تأخر) هي فلسفة تعاشرنا فتحولنا إلى حالات تأخر.. فلا نتعاطى ونتفاعل ايجابيا مع أحوالنا الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو الشخصية، أو علاقاتنا، أو ثقافتنا إلا برابط من الارتباك بسبب التصاق عادة وفن التأخر بنا.. عذرا فقد تأخرت كثيرا عن موعد النوم. T: @aziz_alyousef