أرجع عدد من الشباب وأولياء الأمور والمختصين تأخر الشباب عن الزواج في مقتبل العمر، وتأخرهم الى ما بعد سن الثلاثين إلى النواحي الاقتصادية، وإلى تغير نمط الحياة الاجتماعية عن السابق، إلى جانب تغير الفكر الشبابي لديهم عن السابق، حيث يرى كثيرون أن الزواج "مسؤولية"، ولابد من التأني وعدم الاستعجال. "الرياض" تطرح الموضوع لمعرفة أسباب تأخر زواج الشباب، ومدى تأثير ذلك على التكوين الأسري. تأمين وظيفة أكد "أحمد علي" - أعزب 28 عاماً- على أن ظروف الشباب لا تساعد على الزواج، حيث إنه بعد أن يتخرج من الجامعة، تأتي مرحلة انتظار الوظيفة، والتي قد لا تأتي، فيضطر إلى البحث عن وظيفة في قطاع خاص براتب لا يتجاوز 3000 ريال، متسائلاً عن كيفية توفير مصارف البيت والزوجة والأطفال، مشيراً إلى أنه جعل الزواج في آخر اهتماماته في ظل الغلاء. الظروف المادية أجبرت البعض على تأجيل الفكرة حتى إشعار آخر غلاء المهور وأرجع "فهد المتعب" -30 عاماً- تأخر الشباب في التأخر عن فكرة الزواج المبكر إلى غلاء المهور، واصفاً إياه أنه هاجس كثير من الشباب، حيث إن مبلغ 50 ألف ريال قد يكون جمعها الشاب، ولا يمكن أن تزوجه إذ بلغت المهور عند البعض إلى 70 و 100 ألف، بدون مستلزمات وملحقاته، مضيفاً:"لو فرضنا أنه استطاع أن يأخذ قرضاً ويتسلف بقية المبالغ المطلوبة كيف سيعيش مستقبله بهناء وهو مديون؟". اعتقال مشروع وبيّن "أنور الشهري" -جامعي- أنه مازال يبحث عن وظيفه منذ عامين، مبدياً عدم الرغبة في الزواج مبكراً رغم ظروفه المادية الجيدة وقدرته على تكوين أسرة، مضيفاً:" أطمح أن أجوب دول العالم وأراها، وأتنقل بسفراتي بدون أن أتذكر أن لدي مسؤولية تحرمني متعة السفر والتجوال، فالذي اعرفه أن الزواج استقرار وإذا تزوجت فلن أستطيع السفر إلا مرة واحدة فقط بالسنة"، مبيناً أن يشعر أن الزواج يقيد هوايته . فكرة الزواج تحتاج إلى ادخار المال حتى تتحسن الظروف بند الأجور وأيدّ "حسن البشري" الزواج بعد سن الثلاثين كون أنه يوجد أُسر لا ترغب في تزويج شباب على وظائف بند الأجور ومنهم من لا يستطيع توفير احتياجات الأسرة براتبه الذي لا يكفيه، ناهيك هذا عن شروط بعض الفتيات اللاتي يطلبن بيتاً بمفردهن، ولا يرضين السكن مع أهله، وشباب آخرون يفضلون إكمال دراستهم العليا التي ربما تستغرق 7 سنوات، وبعد الانتهاء يبحث عن وظيفة، مما جعل كل تلك الأمور تسهم في تأخير سن الزواج لدى الشباب. مغريات كثيرة وذكر "محمد الزهراني" أن لديه 3 شباب في سن الزواج، وأصغرهم يبلغ من العمر 23 عاماً، مضيفاً:"لم يعد جيل اليوم مثل جيلنا حيث كان أهلنا يزوجوننا على أعمار 21-23 سنة كأبعد تقدير للسن، ولم يكونوا يهتمون كيف سيكون وضع الرجل المالي، كل ماكانوا يفكرون به هو أن يتحصن الشاب ويتزوج ويكون أسرة"، موضحاً أن أول اهتمامات الشاب اليوم هي الحصول على وظيفة يستطيع من خلالها الزواج وفتح بيت، مبيناً أن المغريات باتت كثيرة مثل الفضائيات وما تعرضه من محاسن للنساء جعلت الشباب يفكرون بنمط وشكل معين يجعلهم يعزفون عن الزواج إذا لم يجدوا المواصفات المطلوبة. عشق الحرية وأشار "عبدالهادي القحطاني" إلى أن أعمار زملائه في العمل تفوق ال30 عاماً، وبعضهم على مشارف الأربعين وحالتهم المادية ميسورة وباستطاعتهم فتح بدلاً من البيت ثلاثة، إلاّ أنهم أدمنوا الحرية وحياة العزوبية، ولا يحبون المسؤولية، مما جعلهم يستسهلون زواج المسيار والعرفي، مضيفاً:"بعضهم ينتظر زمن (عنتر وعبلة) ويترقب أن يقع بالحب حتى يتزوج من يحبها بحجة أن الزواج التقليدي أصبح موضة قديمة لاتنفع في هذا العصر"، منوهاً أن من الأسباب التي ساهمت في عزوف الشباب عن الزواج هو انتشار الفضائيات والمسلسلات. ثقافة مجتمع وأكد "د.خالد جلبان" -رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الملك خالد بأبها- على أن هناك عدة جوانب تلعب دوراً أساسياً في تمهل الشباب وتأخرهم بالزواج ومنها جوانب ثقافية مجتمعية سلوكية، ومنها ثقافة الشخص الذي يرى أن تأخره في الزواج يعطيه النضج المطلوب لتكوين أسرة وتربية وأطفال، يمنحه رؤية مستقبلية أوضح للأمور، وتكون هذه الثقافة نابعة من الشخص أولاً، ومن أهله ومجتمعه ثانياً، مضيفاً:"الشاب لا يحصل على وظيفة مناسبة إلاّ من بعد سن ال25 عاماً بعد انتهى من ارتباطه التعليمي، فيبدأ بعدها التجهيز والإعداد والتهيئة النفسية"، مبيناً أنه يوجد شباب يحاولون الانفتاح على المجتمع الخارجي والارتباط بثقافات أخرى، بحكم ما يرونه من اندماج واستفادة وخبرة وتأثير على الوعي المجتمعي. وأضاف أن النواحي الاقتصادية وغلاء المهور ليست الشيء الوحيد المساهم في تأخير سن الزواج لدى الشباب، معتبراً إياها بالمحرك، إلى جانب أن بعضهم لديهم أهالي حالتهم الاقتصادية جيدة، ويطلبون من شبابهم ان يكملوا نصف دينهم إلاّ أنهم يرفضون، مبيناً أن المادة ليست سبباً رئيسياً لدى البعض، في حين تؤثر الفضائيات والإنترنت كثيراً تجاه اختيار الشاب لعروسة، وقد يكون ذلك مؤشر لأن يرفض الزواج التقليدي وذلك للبحث بشكل أفضل ووفق المواصفات المطلوبة لديه. ولفت أن شباب اليوم يحتاج للكثير من الاستقرار النفسي والمجتمعي فلا يفضل الشاب الزواج قبل أن يكون مستقل بقراراته وحياته الشخصية واختياراته، إلى جانب أنه يستطيع تحمل مسئولية حياته الجديدة بعيداً عن تدخل أسرته، وأيضا ليكسر حاجز الخوف ويستطيع أن يواجه إشكاليات قد يواجهها في حياته الجديدة والتي قد تحد من حريته مثل السفر والسهر والخروج من البيت باستمرار، موضحاً أن مشكلة تأخر سن الزواج لدى الشباب لا يمكن حلها على مستوى أفراد بل يجب تضافر الجهود بين مؤسسات المجتمع، إلى جانب مراجعة النفس كمجتمع وثقافة لتسهيل الموضوع على الشباب وعدم تعقيد الأمور أمامهم، وتصوير الزواج أنه مشروع مكلف ومسؤولية ثقيلة يعانون منها إلى ما لا نهاية. تسويف الشباب وذكر "د.أحمد المعبي" -عضو المحكمين في وزارة العدل بالمملكة- أن الزواج هو الوسيلة للتناسل وبقاء الجنس البشري وهو يحفظ الشباب، مستشهداً بحديث الرسول الله عليه وسلم:"يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه اغض للبصر وأحصن للفرج" ، وأيضاً قال تعالى : "ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" مبيناً أن قلة إقبال الشباب على الزواج في سن مبكرة يعود إلى عدة أسباب منها غلاء المهور، والبطالة، وتسويف الشباب، وعزوفهم عن الزواج بدعوى الحرية، مطالباً الأهالي بتيسير الزواج وعدم إثقال كاهل الزوج وذمته بالديون، منادياً من وزارة "العمل"، و"الشؤون الاجتماعية"، والقطاع الخاص، وذوي الغنى واليسار، أن يكون لهم حضورهم في هذا المجال، بإيجاد وظائف تدعم هؤلاء الشباب.