لا يمكن تفسير التفجير الذي استهدف ضاحية بيروت الجنوبية يوم أمس إلا أنه حلقة في الحرب الطائفية العمياء التي أعلنها حزب الله اللبناني ليحترق في أتونها الشباب اللبناني والسوري والعربي لحسابات المخططين الأشرار الذين يوجهون الشباب العربي عن بعد ويجعلونه مجرد أدوات وأحجار يرتقون عليها لبلوغ طموحاتهم. وما كان أحد في لبنان ولا في سوريا ولا في أي وطن عربي يود أن تبلغ الأمور إلى هذا المستوى من الحوار بين أبناء بلاد الشام بالتفجيرات والقنابل والدبابات والصواريخ. ولكن حزب الله ورعاته هم الذين اختاروا هذا النوع من الحوار بعد أن أعلنوا حرباً طائفية في سوريا واستقدموا إلى بلاد الشام المقاتلين معبئين بالحقد والطائفية. وأعلن حزب الله أن ميلشياته تقاتل في أرض سوريا وتدنس ترابها، ويفتخر بأنه شارك في حصار القصير وفي احتلالها وفي تقتيل أهلها. ولا يمكن تصور أن طرفاً رسمياً يعلن الحرب الطائفية البغيضة، بهذه الفجاجة والغطرسة والاستخفاف بالآخرين، يملك حصانة من دفع الأثمان. ومع الأسف فإن أثمان الحرب الطائفية يدفعها، في الغالب، أبرياء، أما المخططون الاشرار فهم ينتظرون جني الثمار والفوز بالمكاسب على حساب دماء الأبرياء. وقد أدخل حزب الله لبنان والمسلمين بالذات، بشقيهم السني والشيعي، في دوامة وفي محرقة كبرى لن يكسب فيها أحد. لهذا فإن يتوجب على اللبنانيين حكومة وشعباً كبح جماح حزب الله وإيجاد مخرج كي يتراجع الحزب عن حربه الطائفية لأن هذه الحرب ليست في صالح أي بلد عربي وقطعاً ليست في صالح المسلمين، والمستفيد الوحيد منها هو نظام طهران الذي أقدم قراره المتهور بزج حزب الله في المواجهة وإعلانه حرباً تطهيرية طائفية في سوريا فقط كي يتقدم العمر بنظام الاسد الذي يتآكل ويتهاوى ولا تنفعه المسكنات الإيرانية الروسية، لأن سوريا قد تجاوزت أي شرعية لنظام الأسد وأصبح السوريون أحراراً لن يقبلوا مرة أخرى أن يعادوا إلى مشانق الأسد وتسيد حزب الله وطهران. بل أن علويين وشيعة أعلنوا انحيازهم إلى سوريا وسيادتها وتبرأوا من نظام لم يبذل أي جهد قدر ما اجتهد في رهن سوريا لدى طهران وتحويلها إلى وكر لمخططات لتدمير الوطن العربي وإذكاء الفتنة في ربوع الشعوب العربية. ما حدث في بيروت أمس هو حوار بين حزب الله ومناوئيه بالأسلوب الذي أراده وسنه حزب الله نفسه، على غير إرادة العرب المخلصين، وعلى غير إرادة اللبنانيين الذين يوالون وطنهم ويودون أن يخضع الحزب لشرعية الدولة والبلاد كي لا يكون مطية لطهران وتحرير لبنان من أن يكون ورقة لعب على طاولة الخصومات الإيرانية.