بلا أدنى ريب وضع حزب الله الدولة اللبنانية - رئيساً وبرلمانا وحكومة، وكثيراً من اللبنانيين - في مأزق حينما تغول على الدولة اللبنانية واللبنانيين وصادر من الدولة السيادة وقرار الحرب والسلم، وسلب من اللبنانيين رأيهم وإرادتهم، وقرر أن يزج باللبنانيين في حرب كونية لا نهايات لها ولا حدود، إذ إن الحرب الطائفية التي أعلنها حزب الله، هي أكثر تهوراً وجنوناً، ولا ترتبط بجغرافية لبنان ولا سوريا ولا بلاد الشام ولا العراق، وإنما تشتعل حيث يوجد الآخر الذي يشيطنه حزب الله، وتشيطنه السلطة في إيران، التي أصدرت تعليماتها للحزب، كي يعلن حربهما المقدسة لحماية بشار الأسد، إضافة إلى إعلانات مماثلة جرت في العراق. حرب حزب الله ستشمل الدنيا، لأن الآخر موجود في كل مكان تقريباً. حزب الله التزم بالأمر الإيراني وليس له خيار، لأن الحزب، أصلاً، أسس لهذه المهمة بالذات، وأمين الحزب حسن نصر الله يعلم بأن كل ما كان يقوله، طوال سنين، حول مقاومة إسرائيل والاستعداد لقتالها وتحرير الأراضي، وما كان يطرحه من شعارات في مهرجانات النصر، ليست من مهام الحزب ولا من وظيفته. مهمة الحزب ووظيفته هو ما اضطر الحزب إلى أن يعلنه : حرب بالوكالة عن إيران ولمصالحها ضد السوريين، وضد العرب وضد كل من يعارض المصالح الإيرانية في كل مكان، حتى ولو كان شيعياً لبنانياً، سقط بسلاح بلطجية الحزب ومغاويره، لأنه رفع صوته ضد السفارة الإيرانية. أن يكون الحزب ذراعاً إيرانية يقاتل حيث مصالح طهران، ولا يهم طهران أن يموت آلاف اللبنانيين ما دام أن لطهران فرصة للتباهي. هذه هي مهمة الحزب الحقيقية التي عليها شب وعلى أساسها نما وكبر وتقوى، وفي الحقيقة فإن أمين الحزب نفسه سبق أن قال علناً للبنانيين والعرب والعالم: إنه جندي في جيش مولاه في طهران يسمع ويطيع، ونفذ حسن نصر الله وعده، فحينما أمرت طهران سمع الحزب وأطاع، وما بقي هو المأزق اللبناني، إذ يتعين على الدولة اللبنانية ألا تستسلم لتغول حزب الله وافتئاته واغتصابه السلطة وخطف البلاد إلى مصير مجهول، وعلى الدولة اللبنانية أن تبدأ من الآن في البحث عن أفضل السبل لمواجهة حزب الله، كي لا يجر لبنان بأكمله إلى معركة إيرانية مع العالمين العربي والإسلامي، وعليها أن تعزز موقف اللبنانيين الشيعة الأحرار الذين أدركوا خطورة تهورات حزب الله بنسج مرحلة جديدة من علاقات من الدم والثأر والانتقام لحساب نزعات شيطانية، وقد تبرأ أحرار لبنان من الحزب ومن قراراته المتهورة الخطيرة، في خطوة تبدو مقدمة لتجريد الحزب من شرعيته الشيعية اللبنانية، وبدء نزعه من الحاضنة التي استخدم اسمها كثيراً، وتاجر به، وخدع شبابها وشيبها ومفكريها، لحساب خطط إيران ومؤامراتها.