في كل يوم تتطور الأوضاع في سوريا إلى أن تغوص في عمق المأساة، وأن تكون أكثر خطورة. والسبب أن رعاة نظام الأسد وميلشياتهم يخططون لهذا التطوير كلما شعروا بأن النظام يفقد أرضا جديدة ويتهاوى. ودخول حزب الله علناً إلى جانب النظام ومحاولاته احتلال قرى سورية لصالح النظام وقصفه مواقع الجيش الحر السوري يعني أن لبنان ينخرط في الأزمة، ويشارك بها، ما يعني أن الاوضاع في لبنان نفسه قابلة للتفجير. وتفجير الأوضاع في لبنان هو أحد خيارات نظام الأسد ورعاته وميلشياتهم، فمنذ البداية هددت طهران وهددت ميلشيات حزب الله بأنه إذا تضرر نظام الأسد فإن الاضطرابات سوف تمتد إلى بلدان أخرى. وواضح ان الخيار الأولي لهذا التهديد هو لبنان، لأنه الحلقة الأضعف، ونظراً للحساسية الطائفية، ولأن حزب الله الداعم الرئيسي لنظام الأسد ويحارب إلى جانبه، هو الحزب المسلح الأقوى في لبنان ويستطيع تفجير لبنان في أي وقت تشاء طهران. ويبدو أن الإيرانيين ليس لديهم مانع من تدمير سوريا ولبنان أيضاً إذا شعروا انهم يفقدون أوراقهم وينهار نفوذهم في بلاد الشام. وسوف يدافع النظام الإيراني عن مشروعه في سوريا حتى آخر سوري وآخر لبناني، لأنه إذا انهار النفوذ الفارسي في بلاد الشام فإن ذلك يضعف النظام في طهران وربما يكون مقدمة لسقوطه، خاصة أن نظام طهران أجهض ربيع طهران عام 2009 بقوة النار والقمع، وحاول نظام الأسد ان يتبع النموذج الإيراني في القمع والقسوة قبل سنتين، ولكنه بدلاً من أن يجهض الانتفاضة السورية منحها وقود الاشتعال حتى فقد السيطرة على معظم أنحاء سوريا، وأصبح وجوده يتوقف على اتباع تعليمات طهران والإنفاق على ميلشياتها. والتطورات الأخيرة تحتم على اللبنانيين الضغط على حزب الله لمنعه من التدخل في سوريا وأن يسحب ميلشياته من الأراضي السورية، وأن يتوقف عن قصف القرى السورية من اراضي لبنان، خاصة في ظل تحذيرات الجيش السوري الحر للبنانيين بأنه إذا لم يتوقف حزب الله عن العدوان على القرى السورية ومساندة نظام الأسد، فإن الثورة السورية قد تضم لبنان إلى قائمة اعدائها، وربما تتخذ إجراءات ثأرية. ويتعين أن ينظر لبنان لهذه التحذيرات بجدية لأن الثورة السورية في ذروة شدتها، وتخوض معركة وجود وليست مستعدة لمجاملة أي جهة تساند نظام الاسد. وتصرفات حزب الله جنونية ومضرة ومقامرة بالمصالح اللبنانية حالياً وفي المستقبل. فحينما يسيطر الثوار السوريون على بلادهم فهم ليسوا الطوائف اللبنانية المستضعفة التي يهددها حزب الله بسلاحه، ولا يأبهون بطهران وضجيجها وأساطيرها، وربما يصفون حساباتهم مع حزب الله. والتدخلات الأخيرة لحزب الله تعبر عن أن النظام السوري ورعاته يلعبون أوراقهم الأخيرة للدفاع عن مصالحهم الاستراتيجية، خاصة بعد أن أصبحت المعارك تدور الآن في دمشق، ويكسب الثوار السوريون في كل يوم مواقع جديدة ومطارات ويغنمون من معسكرات النظام أسلحة جديدة وجاهزة للعمل. لهذا بدأ الثوار يسقطون طائرات حربية ويحمون مواقعهم، ويستخدمون صواريخ. وربما سيطال ردهم الأراضي اللبنانية إن لم ينته حزب الله من محاولاته احتلال قرى سورية والحرب إلى جانب نظام الأسد.