المذابح التي تنفذ في العراق لا يمكن توصيفها إلا أنها جزء من الحرب التي تشنها إيران على الأمة العربية بمساعدة ميلشيات طهران في العراق ووكيلها نوري المالكي الذي، منذ تعيينه رئيساً للوزراء، وقبل تعيينه، لم يجتهد في أي عمل سوى أن يمكن لإيران في العراق وأن يحارب الهوية العربية والعروبة في كل شبر من الرافدين. لهذا فهو، أي المالكي، يتهدد العراقيين العرب بشن حرب حية عليهم، بعد أن أودع عشرات الآلاف من أبنائهم في السجون وبعد أن قتل عشرات الآلاف أخرى، وبعد أن عاثت ميلشيات إيران فساداً في كل مكان في العراق وأجبرت ملايين العراقيين على هجر وطنهم. وقد أربك أبناء المحافظات العربية استراتيجية المالكي وخطط إيران في العراق، فقد جاءت انتفاضتهم مبكراً، ولم يستطع المالكي ولا عملاؤه العرب الذين باعوا أنفسهم وأوطانهم لطهران، أن يفتوا من عضد الانتفاضة العربية. ويبدو أن طهران طلبت من المالكي أن يتريث ويراوغ لأنه لا يمكن لطهران أن تواجه ثلاثة انتفاضات في وقت واحد في العراق وسوريا وجزئياً في لبنان، كما أن التيار المتشدد الحاكم في طهران يود الفوز في الانتخابات القادمة في إيران، ولا يود أن تربك خططه المحلية للفوز بالانتخابات أية عوامل خارجية، قد يستغلها الوطنيون الإيرانيون للإطاحة بنظام المرشد المتشدد الذي تهدد بعض أجنحته المتصارعة على الحكم بكشف فساد ينخر النظام ورجاله، على الرغم من أنه نظام يقدم نفسه متديناً ومقدساً ونزيهاً. ويلاحظ أنه على الرغم من ذكاء طهران ومحاولاتها تفادي تصعيد مواجهة في العراق، بينما ميلشياتها مشغولة بدعم نظام الأسد، إلا أن بعض الأذرع الإيرانية في العراق وقوات المالكي ترتكب حماقات قد تبكر بتفجير الأوضاع في العراق، وعندها لن يتسنى للمالكي ولا لإيران الاستمرار بأي خطط لاجتثاث الهوية العربية، إذ أن العراق سوف ينتفض، وسوف يتحرك العراقيون، كل العراقيين سنة وشيعة، لمواجهة إيران وعملائها وأذرعتها. وواضح أن أية انتفاضة في العراق سوف تقدم لتطهير العراق من كل غزاة والحاقدين الذين اجتهدوا، طوال عشر سنوات، لخطف العراق وإذلال العراقيين وتمكين إيران من الهيمنة. وكان المالكي في مقدمة هؤلاء الذين أعطوا الولاء لطهران أكثر مما يعطونه لأبنائهم ووطنهم. وفي الحقيقة فإن الأمريكيين الذين قرروا إهداء العراق لطهران، لم يخرجوا من العراق إلا ووضعوا في مكانهم رجلا قويا أمينا في خدمة إيران والمحافظة على أن يستمر العراق تحت الهيمنة الإيرانية. ولكن العراقيين العرب لم يمهلوا المالكي حتى يكمل برنامج فرسنة العراق، وناضلوا من أجل تخليص العراقيين من آلة القمع الإيرانية. وتكللت جهودهم بهذه الانتفاضة التي وإن لم تطهر العراق من ذيول إيران فانها قد أوقفت إلى الأبد برنامج فرسنة العراق وآلة التطهير الإيرانية التي تهدف إلى اجتثاث الهوية العربية ونفي العرب من العراق.