ينشغل العراق منذ الاحتلال الأمريكي باضطرابات مقلقة لكل مخلص للعراق، وآخرها الانفجار الذي وقع أمس وأودى بحياة عراقيين وأصاب نحو مائتي بريء، وكان يمكن أن يتعافى العراق ويتمتع العراقيون بوطن يملك ثروات تسعد جميع مواطنيه، وهذا ما يطمح إليه العراقيون، ويتمناه كل العرب للعراق، لكن المأساة العراقية تكمن في التدخلات الإيرانية ووكلاء طهران الذين يخلصون لإيران أكثر مما يخلصون للعراق، لهذا السبب تستمر دوامة العنف والفساد والتفرقة والنزعات العرقية والطائفية، ويجب أن يقتنع وكلاء طهران في العراق بأن العراقيين العرب بشقيهم «السني والشيعي» لن يستسلموا لخطط إيران وحلولها، وإلا ما الذي يجعل المواطنين العرب «سنة وشيعة» ينتفضون ما دام العراق مستقلا وسيد قراره ويعيش ديمقراطية عادلة، مثلما يروج وكلاء طهران الذين استخدموا كل ما في أيديهم من سلطة وقوة لتحريف القوانين والأنظمة لاضطهاد العرب وتهميشهم وتقصدهم، وقد انتفض العرب نتيجة المعاملة المتقصدة والفظة والقاسية والظالمة التي تنتهجها حكومة نوري المالكي ضدهم، والعجيب أن وكلاء طهران اكتشفوا بعد الانتفاضة، واعترفوا أن آلافا من العرب والعربيات في ظلمات السجون، ووعد مندوبو المالكي بإطلاق سراح آلاف، بينما كان العرب يضجون منذ سنين ويطالبون بمحاكمة عادلة للمتهمين، ويوجد في سجون المالكي آلاف من العرب مدانون بالإرهاب، والمشكلة تكمن في كيفية الإدانة، ومن أدانهم؟ فمنذ أن تمكن وكلاء طهران في العراق، الاتهامات ضد العرب جاهزة، وأساليب الاعتقال جاهزة، وأيضاً وسائل حمل المعتقلين على الاعترافات جاهزة، لهذا نجد تهمة الإرهاب توجه سريعاً للعرب، ويجبرون سريعاً على الاعتراف بالتهم، ويقدمون سريعاً إلى التلفزيون ليدلوا باعترافاتهم، بينما ميلشيات طهران تسرح في طول العراق وعرضه وتصفي حساباتها مع العرب، بما فيهم شيعة جنوب العراق، ولم توجه لها حكومة المالكي لا تهم إرهاب ولا اعترافات تلفزيونية. إذن مأساة العراق ليست في شخص المالكي وحده، وإنما في الدستور وفي القوانين والأعراف التي صاغها وكلاء طهران، وفي الأساليب الإيرانية لإنفاذ القانون وتوجيه التهم، والقضاء المسيس، وفي عقيدة الإعلام الحكومي العراقي، وفي تركز القوات العسكرية والأمنية في أيدي الموالين لطهران. كل ذلك مصمم ضد العرب وإيذائهم ومضايقتهم وتهميشهم وتهجيرهم، ما يمثل أسوأ برنامج للتطهير العرقي عرفه العالم خلال هذا القرن، ولا يمكن أن يتخلص العراق من اضطراباته إلا بعودة السلطة إلى هويتها العراقية العربية، والإخلاص للعراق والصدق في نشر العدالة والسلام، ومكافحة الإرهاب حقاً لا شعاراً وستاراً، واجتثاث حقيقي للبعثيين الذين ارتكبوا جرائم بحق العراقيين، وليس تحريف القانون لاجتثاث كل عربي، وفوق كل ذلك بناء قضاء عراقي صادق ونزيه وقوات أمن عراقية لا تفرق بين العراقيين وتؤدي مهامها بأمانة وإخلاص ونظافة، عندها ستشرق شمس العراق، وينعم العراقيون بالعدالة والسلام وينهض العراق العظيم ليعانق كل الطيبات.