منذ يومين ورئيس الحكومة العراقية نوري المالكي يطلق تهديدات ضد العرب الذين انتفضوا ضد النهج الطائفي والعنصري لحكومته، وضد الإملاءات الإيرانية على العراق وشعبه. ويبدو أن المالكي سوف يتورط أكثر في اللعبة الإيرانية ضد العروبة ويشن حملة إبادة جديدة على العراقيين العرب بتوجيه من إيران على غرار ما يفعل نظام بشار الأسد في سوريا. والذي لا يطمئن هو أن المالكي غير لهجته التصالحية مع الانتفاضة وأخذ يوجه تهديدات باسم النظام والقانون والقضاء والدستور، بينما مصيبة العرب وخصمهم هو الدستور العراقي والقوانين والقضاء المصممة خصيصاً لتهميش العرب والقضاء على الهوية العربية. ويشكو العراقيون العرب طويلاً أن القضاء العراقي مسيس ويستخدمه المالكي لتصفية الحسابات مع الرافضين للنفوذ الإيراني في البلاد. واستخدم هو وقواته الأمنية القضاء غطاء لممارسة التطهير العرقي والطائفي ضد العرب، فباسم القضاء والقانون تشن حملات اعتقال عشوائية في صفوف العرب، بتهم جاهزة هي الإرهاب والعمالة. ويبدو أن المالكي سوف يصعد من حربه على العرب بحجة أن الانتفاضة العربية تقطع الطريق الدولي أو ما شابه. وإذا ما نفذ المالكي تهديداته فإنه سوف يدخل العراق في خضم فوضى بالنظر إلى أن العرب في العراق لا يبدو أنهم يتوقفون عن احتجاجاتهم إلا بضمانات قوية توقف آلة التطهير العرقي والطائفي ضدهم، وتحصن العراق من النفوذ الإيراني وتمنع تسيس القضاء واستخدامه سيفاً مسلطاً على رقاب العرب. وطالبوا يوم أمس بإعادة التحقيق مع المتهمين، الذين يملأون سجون المالكي السرية والعلنية، بأسلوب نزيه والإحجام عن نزع الاعترافات من العرب بالعنف والتعذيب. والإحجام عن الاستمرار في الاحتكار الطائفي للمناصب الحساسة في الجيش ، وتحول العراق إلى دولة عدالة وحق لجميع مواطنيه ومكوناته وتعزيز هويته العربية، وإجراء مصالحة وطنية حقيقية. وواضح أنه يصعب على حكومة المالكي تحقيق هذه المطالب لأنها مصممة أصلاً لمحاربة العرب وتطهيرهم من العراق. وإذا ما تهور المالكي وشن حرباً جديدة على العرب فإن ذلك يعني أنه ينفذ المرحلة الأخيرة من المخطط الشرير لمصادرة العراق نهائياً ومحو هويته العربية وبيعه للقوى الأجنبية، لكن هذه مخاطرة كبيرة لأن مراس العراقيين، سنة وشيعة، صعب ولم يستكينوا للأساليب المخادعة فكيف إذا ما شنت حرب علنية عليهم. وكان يجب على المالكي بدلاً من إرهاف السمع إلى نصائح طهران أن يتفحص بواقعية وشفافية ممارسات حكومته ويتمعن في الظلم الذي وقع على العرب والاجراءات الحربية المستمرة ضد الوجود العربي، ويحكم بعقل وطني عراقي عربي مستقل عن التأثيرات الأجنبية، سيدرك انه يحتاج إلى تغيير جذري في السلوكية الطائفية والعرقية لحكومته من أجل مصلحة العراق. وسيدرك أيضاً أن النصائح الإيرانية قد حولت بشار الأسد إلى ورقة ميليشية بيد طهران وأغرقته في دماء السوريين حتى ارتمى كلياً في أحضانها فأضحى أسيرها ومصيره بيدها. وسيدرك أن القوى الأجنبية لا تهتم بأي عراقي أو عراقية، لأي طائفة انتمى ومهما كان منصبه، إلا بقدر ما ينفذ خططها ويحقق مصالحها.