بدأ رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي مراوغات معهودة للتملص من مسئولية تلبية مطالب الانتفاضة العراقية العربية، بزعم أن مطالبات العرب بإلغاء قانون مكافحة الإرهاب وقانون اجتثاث البعث والعفو العام من صلاحيات مجلس النواب وتعارض الدستور. والعجيب أن كثيراً من السياسيين العراقيين يلومون المالكي طويلاً على تجاهله للبرلمان واتخاذ اجراءات وإصدار أوامر غير دستورية وغير قانونية خدمة للنفوذ الإيراني في العراق وخدمة للتطلعات الشخصية، بينما في مطالب الانتفاضة العربية يتحجج بمجلس النواب وبالدستور. ويشكو العراقيون العرب أن قوات المالكي وميلشياته تشن حملات اعتقالات غير قانونية ضد العرب وبلا تمييز وبلا تهم وترسلهم إلى سجون سرية لسنوات. وأي قانون أو دستور يشرع اعتقال الناس بالجملة وزجهم في سجون سرية بلا محاكمة لسنين طويلة؟. ثم أن القوانين العراقية مكافحة الإرهاب وقوانين اجتثاث حزب البعث حرفها المالكي وأضرابه عمداً وقصداً عن مهمتها الحقيقية ولم تستخدم لا ضد الإرهاب ولا لاجتثاث حزب البعث، وإنما حولت حكومة المالكي، ومستشاروه الموالون لطهران، هذه القوانين إلى آلة تطهير للعرب بلا تمييز، ولكل من يعارض النفوذ الإيراني في العراق، سواء شيعة أو سنة، حتى أن شيعة الجنوب العراقي يشكون من الاستعمار الإيراني الشامل لمدنهم والتمييز العنصري ضد هويتهم ووجودهم ووطنهم ولغتهم. والعراقيون العرب لم يطالبوا بإلغاء قانون الإرهاب إلا بعد أن وجدوا أن المالكي قد جعل هذا القانون سيفاً مسلطاً عليهم ولا يعمل إلا في صفوفهم في عملية تطهير علنية لا يقرها دين ولا أخلاق ولا مسئولية وطنية شريفة. ولم يطالب العراقيون العرب بإلغاء قانون اجتثاث البعث إلا بعد أن جعله المالكي سلاحاً لوصم أي عراقي يرفض العمالة أو الولاء لإيران بأنه بعثي وتلاحقه قوات المالكي وميلشيات إيران في كل مكان من العراق. ويشكل المالكي فرقاً عسكرية خاصة تحت امرته يوكل إليها شن حملات اعتقالات للعرب واضطهادهم اما بتوجيه التهم الملفقة ضدهم للاعتراف بارتكاب عمليات إرهابية، أو مضايقتهم ليغادروا العراق، لتفريغ هذا البلد العربي من القوى العربية الحية وليملأ الفراغ بإيرانيين أو بعراقيين يوالون طهران ويستكينون للاستعمار الفارسي. ولكن الآن اختلفت الأمور وبدأت الكرامة العربية في العراق انتفاضة يبدو أنها لن تهدأ إلا بإلغاء القوانين المجحفة المخصصة للعرب المخلصين لعروبتهم وحدهم. ولا يبدو أن الانتفاضة سوف تستكين إلا بمحاسبة المالكي وميلشياته وكسر الأيدي الإيرانية التي تتدخل في العراق، لتبقى بغداد رمز العروبة والخلافة الإسلامية النقية عربية الهوية ومرفوعة الرأس تهزم كل من يود لها الذل والهوان أو يصفي حساباته التاريخية معها.