خففت قبرص من القيود المفروضة على حركة رأس المال ,اعتبارا من يوم أمس , بما فيها زيادة مبلغ الأموال الذي يمكن تحويله داخل البلاد وخارجها. غير أن الأفراد لا يزالون غير قادرين سوى على سحب 300 يورو كحد أقصى في اليوم. وقالت وزارة المالية إنها ستسمح الآن بمعاملات مالية محلية تصل إلى 500 ألف يورو (651 ألف دولار) دون الحصول على إذن مسبق مرتفعة بذلك من 20 ألف يورو ، بينما يمكن للشركات الآن أن تقوم بعمليات سداد محلية أو تحويلات بما يصل إلى 300 ألف يورو للسلع والخدمات. ويستلزم سحب أي مبالغ فوق ذلك المبلغ توثيقا وليس موافقة رسمية كما كان يحدث من قبل. وارتفع حد المبلغ الذي يمكن أن يحوله الأفراد من أحد البنوك لآخر من 3 آلاف إلى 10 آلاف يورو في الشهر، بينما الحد الأقصى للمبلغ الذي يمكن أن يحوله الأفراد خارج البلاد ارتفع من ألفين إلى 5 آلاف يورو. وتم إلغاء العمل بالحد الأقصى الشهري البالغ خمسة آلاف يورو على الإنفاق من بطاقات الائتمان والبطاقات المدينة,كما تمت زيادة مبلغ النقود الذي يمكن للأفراد حمله خلال سفرهم للخارج من ألفي إلى ثلاثة آلاف يورو. فيما لا يزال يتم العمل بتقييد السحب اليومي للأفراد من ماكينات الصراف الآلي عند 300 يورو وفرض حظر على صرف الشيكات. وبدأت القيود المصرفية على رأس المال تخف تدريجيا كل أسبوع منذ تطبيقها الشهر الماضي. وتعرضت البنوك في قبرص لتوقف عملها لمدة أسبوعين خلال مارس من أجل منع اندفاع المواطنين لسحب مدخراتهم في وقت كانت البلاد فيه تخوض مفاوضات مع جهات الإقراض الدولية للحصول على برنامج إنقاذ. واضطرت قبرص من أجل الحصول على قروض بقيمة 10 مليارات يورو أن توقف نشاط أحد بنوكها الرئيسية وهو ليكي وشطب جزء كبير من الديون المؤمنة والودائع غير المؤمنة في بنك قبرص أكبر بنوك الجزيرة. وينتظر المودعون الذين تتخطى ودائعهم 100 ألف يورو في بنك قبرص لخسارة 60 بالمائة من قيمتها بموجب شروط خطة الإنقاذ. ومن المقرر أن يبدأ برلمان قبرص نقاشا بشأن اتفاقية الإنقاذ يوم الثلاثين من أبريل. واصطف عملاء البنوك بهدوء في طوابير طويلة أمام فروع البنوك في نيقوسيا في الوقت الذي انتشر فيه رجال الشرطة والأمن الخاص لحفظ النظام أمام وداخل البنوك. وقال ديميتريس أنطونيو مدير فرع «بنك أوف سيبروس» في وسط العاصمة نيقوسيا أمام طابور يضم حوالي 60 شخصا قبل فتح باب الفرع «نطلب منكم الصبر. نحن نبذل قصارى جهدنا ونفعل كل شيء لتسهيل المعاملات». وأضاف أمام عشرات رجال الأمن والصحفيين الذين تجمعوا أمام باب البنك «نحن نحتاج فقط إلى التعاون والتفهم لآننا سنظل هنا طوال اليوم». في الوقت نفسه فإن فروع ثاني أكبر بنك في قبرص وهو لايكي بنك لم تفتح أبوابها حيث إن خطة الإنقاذ المالي تتضمن إعادة هيكلة البنك وتقسيمه إلى جزءين الأول يضم الأصول المعدومة والمشكوك في تحصيلها وتتولى الدولة التعامل معه والثاني يضم الأصول الرابحة وينضم إلى «بنك أوف سيبروس». ومع استئناف البنوك عملها قرر البنك المركزي القبرصي فرض مجموعة من القيود على حركة الأموال بهدف حماية النظام المالي من الانهيار نتيجة اندفاع المودعين إلى سحب ودائعهم وإخراجها من البلاد واستنزاف السيولة النقدية في قبرص. من ناحيتها ، دعت أليكي ستيليانو المتحدثة باسم بنك قبرص المركزي المودعين إلى ضرورة التحلي بالهدوء وتفادي إلحاق الضرر بالقطاع المصرفي ككل. ولن يسمح لأي عميل بسحب أكثر من 300 يورو (383 دولارا) في اليوم الواحد، كما لن يتم السماح لأي قبرصي بالسفر خارج الجزيرة وبحوزته أكثر من 1000 يورو في الرحلة الواحدة وذلك قبل يوم واحد من السماح بإعادة فتح البنوك القبرصية التي ظلت أبوابها مغلقة لمدة 15 يوما تقريبا حيث لم يكن مسموحا لأي شخص سحب أكثر من 100 يورو يوميا من ماكينات الصراف الآلي. وتشمل الإجراءات التي اقترحها البنك المركزي القبرصي فرض حد أقصى للأموال التي يمكن تحويلها إلى الخارج عبر البنوك أو سحبها ببطاقات الائتمان بمقدار 5000 يورو (6380 دولارا) شهريا. وقد وقف أندرياس أداميديس متقاعد أمام فرع البنك قبل ساعات من موعد الفتح المقرر. وقال «لم أكن قد أصدرت بطاقة ائتمان أو اقتراض لذلك اعتمدت أسرتي خلال الأيام الماضية على المساعدات الغذائية من الجيران» حيث لم يتمكن من صرف أمواله من البنوك بسبب إغلاق أبوابها. ورغم الهدوء الذي ساد البنوك في أغلب مناطق قبرص فإن بعض العملاء لم يتمكنوا من السيطرة على غضبهم نتيجة ساعات الانتظار أمام أبواب البنوك. وقال بيتروس ستيليانديس الذي حضر إلى فرع «بنك أوف سيبروس» لصرف عدد من الشيكات أغلبها لم يتم قبوله «أتمنى أن يكون الاتحاد الأوروبي مسرورا لأنهم دمروا قبرص». وقالت سيدة تدعى ماريا نيكولاوس وتعمل موظفة خزينة إنها تريد سحب مبلغ من المال يكفيها حتى نهاية الأسبوع. وأضافت «أن ماكينة الصراف الآلي ابتلعت بطاقة الائتمان الخاصة بي لذلك كان علي الحضور إلى هنا اليوم لصرف عدة مئات اليورو حتى استطيع استصدار بطاقة جديدة». وقالت وزارة المالية القبرصية إنه سيتم مراجعة القيود المفروضة على حركة الأموال بصورة يومية وأنها ستستمر حتى الأربعاء المقبل على الأقل. من ناحيتها قالت المفوضية الأوروبية إن ضوابط رأس المال المطبقة من جانب قبرص لمنع استنزاف بنوكها هي إجراءات مبررة وتتفق وقواعد الاتحاد الأوروبي، بينما دعت أيضا إلى عودة حرية الحركة لرأس المال في أسرع وقت ممكن. وأضافت الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي في بيان أن «الظروف الحالية، واستقرار أسواق المال والنظام المصرفي قي قبرص، يشكل أمرا من تغليب المصلحة العامة، والسياسة العامة تبرر فرض قيود مؤقتة على حركة رأس المال». وأشارت إلى أن هناك «خطرا كبيرا من خروج الودائع بشكل غير محكوم ما سيؤدي إلى انهيار مؤسسات الائتمان ويتسبب في خطر فورى يتمثل فى عدم استقرار كامل في النظام المالي لقبرص». لكن قالت إن حرية حركة رأس المال «يجب إستعادتها في أقرب وقت ممكن» وأن المفوضية ستراقب القيود في قبرص للتأكد من أنها لا تزال «متناسبة بشكل صارم». كما تتضمن المقترحات حظر صرف الودائع محددة المدة قبل حلول أجل استحقاقها، في حين سيتم السماح للطلبة القبارصة الذين يدرسون في الخارج بالحصول على 5 آلاف يورو كل 3 أشهر. وسيتم السماح للشركات بتحويل أموال المرتبات إلى أصحابها لمساعدة الشركات التي تضررت بشدة خلال الأيام الماضية بعد أن اضطر المستهلكون إلى الحد من مشترياتهم بسبب عدم توافر السيولة النقدية لديهم. في الوقت نفسه، يجب إبلاغ السلطات بعائدات التصدير خلال أسبوعين من تحصيلها في حين يسمح للقبارصة الذين يبيعون منازلهم بالاحتفاظ بأموالهم في حسابات مصرفية محلية لمدة شهرين، على الأقل، لمنع تحويل الأموال إلى حسابات مصرفية خارجية. تأتي هذه القيود على حركة رؤوس الأموال بعد نجاح قبرص في تفادي الانهيار المالي في وقت سابق الأسبوع الحالي بعد اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي على حزمة قروض إنقاذ بقيمة 10 مليارات يورو (13 مليار دولار). يذكر أن قبرص هي أول حكومة في منطقة اليورو تفرض قيودا على حركة الأموال في إطار جهودها لمنع انهيار النظام المالي فيها. يأتي هذا فيما أرسل البنك المركزي الأوروبي الاربعاء حوالي 5 مليارات يورو كتمويل طارئ لقبرص. وتم نقل الأموال تحت الحراسة المشددة من مطار لارناكا إلى مقر البنك المركزي القبرصي في نيقوسيا، بحسب صحيفة كاثميريني. كانت قبرص قد نجحت يوم الاثنين الماضي في التوصل إلى اتفاق جديد بشأن قروض الإنقاذ التي تطلبها. يسقط الاتفاق الشرط السابق الخاص بفرض ضرائب على الودائع المصرفية والذي واجه رفضا متكررا من جانب البرلمان القبرصي، مقابل إعادة هيكلة أكبر بنكين في قبرص وتحميل أصحاب الودائع التي تزيد عن 100 ألف يورو جزءا من الخسائر الناجمة عن إعادة الهيكلة حيث من المتوقع خصم ما بين 30 و40 بالمائة من قيمة هذه الودائع.