فتحت المصارف في قبرص أبوابها لست ساعات فقط أمس، بعد إغلاق استمر نحو أسبوعين، فيما مددت البورصة القبرصية فترة الإقفال، معلنة تعليق الأعمال خلال عطلة عيد الفصح من اليوم وحتى الاثنين، مع توقف المدفوعات بين المصارف في الاتحاد الأوروبي خلال هذه الفترة. وكانت الجلسة الأخيرة للبورصة في 15 من هذا الشهر. وفي بادرة لتقليص أعباء الإنفاق الرسمي في ظل الأزمة المالية، قرر الرئيس القبرصي نيكوس انستسيادس حسم نسبة 25 في المئة من راتبه، فيما ستُخفض رواتب وزرائه بنسبة 20 في المئة»، إذ أعلن نائب أمين سر الرئاسة قسطنطينوس بتريدس لصحافيين، أن الرئيس «سبق وأمر المحاسب العام تقليص راتبه، كما سيتخلى الجميع عن راتب الشهر الإضافي». وعينت الحكومة القبرصية لجنة للتحقيق في احتمال وجود اعمال جنائية قد تكون أدت إلى الأزمة المصرفية في الجزيرة، على ما اعلن بتريدس. وتتألف اللجنة من ثلاثة قضاة سابقين في المحكمة العليا وهم جورج بيكيس وبانايوتيس كاليس وياناكيس قسطنطينيدس. واضاف بتريدس ان «مجمل القرارات والأعمال والإغفالات على كل المستويات، من القرارات السياسية إلى قرارات لجان إدارة المصارف أو هيئات الضبط واي فرد اخر، سيجري التدقيق بها». واعتمدت المؤسسات المصرفية في عملها أمس، قيوداً صارمة للتعاملات لمنع المودعين من التهافت على سحب الودائع، بعدما اضطرت الجزيرة إلى قبول حزمة إنقاذ بشروط قاسية من الاتحاد الأوروبي لتفادي الإفلاس. وأيّدت المفوضية الأوروبية هذه القيود، لكن حضّت على «ألا يستمر العمل بها لفترة أطول من اللازم». وفرض قرار وزارة المال القبرصية قيوداً صارمة، قضت بعدم السماح بسحب أكثر من 300 دولار في اليوم، ومنع صرف الشيكات. وسيراجع البنك المركزي في قبرص كل التحويلات المالية التي تزيد على 5 آلاف يورو، ويدقق في تلك التي تزيد على 200 ألف على أساس فردي. ولا يمكن الخارجين من قبرص حمل أكثر من ألف يورو. ويخشى المستثمرون في حال عمت موجة هلع القطاع المصرفي القبرصي، أن تنتقل العدوى إلى دول أخرى من منطقة اليورو. فيما استبعدت وكالة «ستاندرد اند بورز»، أن يكون للاتفاق حول قبرص «تأثير مباشر على تصنيف المصارف في منطقة اليورو ولو شكل سابقة». واصطفّ زبائن المصارف في نيقوسيا، التي فتحت في منتصف النهار، ووقفت طوابير كل منها مكون من 12 شخصاً خارج فروع أكبر مصرفين في الجزيرة، هما «بنك قبرص» والبنك الشعبي القبرصي المعروف ب «لايكي بنك». ومنعاً لحصول تجاوزات تمركز حراس أمنيون، بعضهم بأسلحتهم أمام المصارف المحلية والأجنبية في ظاهرة جديدة في هذا البلد. يوم عمل غير معتاد وذهب العاملون في المصارف إلى أماكن عملهم صباح أمس، مع نقل النقود في شاحنات مصفحة. وأعلنت السلطات، أن القواعد الطارئة المفروضة للحد من السحب وتفادي الإفلاس «ستكون موقتة». لكن خبراء اقتصاد رأوا أن رفع القيود «سيكون صعباً طالما استمر اقتصاد قبرص في أزمة». ودعت نقابة موظفي المصارف (اتيك) المواطنين، إلى «عدم التعبير عن إحباطهم ضد الموظفين»، وأكدت في بيان «عدم مسؤولية الموظفين الذين يُعدّون ضحايا أعمال و/أو إخفاقات جنائية، قادت إلى هذه الكارثة وتضع الناس في وضع مأسوي». وحضّت جمعية المصارف الزبائن على التعامل مع الموظفين ب «صبر وتفهم» لدى قدومهم لإنجاز معاملاتهم. وقال فيليبوس فيليبو، وهو عامل كهرباء عاطل من العمل حالياً، إن هذا اليوم «سيكون سيئاً جداً، ستُطلق شتائم وسيكون الناس غاضبين». وأعلن رجل، أنه سيسحب أمواله «بالكامل مبلغاً بعد آخر»، متوقعاً «استمرار موجة الهلع على مدى أسبوع أو أسبوعين، لتعود الأمور بعدها إلى طبيعتها، لكن بقدر أقل من المال». وتُعتبر الرقابة على الأموال التي أقرّتها قبرص لتفادي هروب رؤوس الأموال، «إجراء نادراً لا سابق له، لا يمكن أحياناً التكهن بمدته». وأكد وزير الخارجية القبرصي يوانيس كاسوليدس، أن أوروبا «فرضت ثمناً باهظاً جداً على قبرص، سيولد المرارة و «الغضب». وقال: «علينا الانطلاق من الصفر مجدداً»، كما بعد الاجتياح التركي لشمال الجزيرة عام 1974. وحذر وزير المال ميخاليس ساريس، من أن قبرص «ستعرف أياماً أسوأ خلال عام 2013 «، متوقعاً أن «يسجل الاقتصاد انكماشاً أكبر». وفي الأعوام الأخيرة، اتخذت إيسلندا والأرجنتين تدابير مماثلة، كانت لها مفاعيل اقتصادية يصعب تقويمها، لكنها كانت مجدية على صعيد الحد من حركة رؤوس الأموال وتحديداً في إيسلندا. ويسيطر الغموض في رأي الخبراء حول المدة التي ستبقى فيها هذه الإجراءات سارية. وأمل مسؤول أوروبي، في أن «تكون فترة التطبيق قصيرة، لكن لا يمكن أحداً معرفة الوقت». واعتبرت المفوضية الأوروبية في بيان أمس، أن القيود المالية التي فرضتها السلطات القبرصية «ضرورية في الظروف الحالية»، لكن «حرية حركة رؤوس الأموال ستعود في أسرع وقت ممكن». وأشارت إلى أنها ستراقب ب «دقة مع السلطات القبرصية والدول الأعضاء والمصرف المركزي الأوروبي والسلطة المصرفية الأوروبية، تطبيق الإجراءات المفروضة لتقييد حركة رؤوس الأموال».