خلال مشاركتي في معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام بدا لي وللكثيرين رغبة القائمين على المعرض لاسيما اللجان الجديدة على إحداث تطوير ونقلة سريعة، لكن النوايا الحسنة تصطدم أحياناً بمعوقات غير متوقعة. ما لمست وسمعت ورأيت من أخطاء كتعميم إلزامية استخدام الماسح الضوئي (الباركود) دون أن يتم استقصاء رأي المشاركين والأخذ في الاعتبار الصعوبات التي تواجههم في هذا السياق ومن ثم التراجع عنه. هناك خطأ شائع لدى بعض المنظمين مفاده أن معرض الرياض الدولي للكتاب هو نافذة لجلب الدور العربية لتبيع كتبها على السعودي المستهلك دائماً، هذه الفكرة خطيرة، ففي جميع دول العالم يعطي المعرض الأولوية للدور الوطنية لتوضح إمكاناتها وقدرتها على المنافسة الشريفة مع الدور الأجنبية ففي الدور السعودية مثلاً أحد أهم العوائق أن رقم الفسح (ردمك) الذي يصدر عن مكتبة الملك فهد مكرراً لعدة إصدارات لدى نفس الناشر ما يجعل القارئ الضوئي لا يتعرف على اسم الكتاب، وهذه بالمناسبة كارثة تكلف الدور مبالغ كبيرة لإعادة وضع باركودات جديدة كي يتم عرضها في الأسواق. أما الدور العربية المشاركة فكثير منها لم يسمع بالباركود أو لا يتحمل تكاليفه أو - إن لم نحسن الظن - تحجم من تلاعبها في أسعار الكتب خاصة أن معرض الرياض هو أهم منفذ تجاري لها، ما استنفرها، بل وجعلها تهدد بالمقاطعة. وفي جانب آخر جاء توزيع المساحات على الدور دون معايير واضحة ومعلنة وحظيت بعض الدور غير السعودية بمجاملات في المساحة، على حساب السعودية، وبعض المكتبات السعودية التي لا تملك إنتاجاً على حساب الدور الرائدة من حيث الإنتاج. ( وهناك خطأ شائع لدى بعض المنظمين مفاده أن معرض الرياض الدولي للكتاب هو نافذة لجلب الدور العربية لتبيع كتبها على السعودي المستهلك دائماً، هذه الفكرة خطيرة ففي جميع دول العالم يعطي المعرض الدولي الوطني الأولوية للدور الوطنية لتوضح إمكاناتها وقدرتها على المنافسة الشريفة مع الدور الأجنبية). كما أن فتح المجال لدور أومكتبات مبتدئة - إن صح التعبير - تعرض كتباً إما ليس إنتاجها (وكثير منها يعرض إنتاج دور أخرى مشاركة في المعرض..!) فهي لا تضيف سوى رقم في عدد الدور المشاركة، أو تعيد طباعة كتب تراثية لا حقوق لها وتبيعها مرة أخرى دون أن تضيف عنوانا أو شيئا للمكتبة العربية، ومع هذا حظي بعضها بمساحات كبيرة، وكما توقعت سابقاً أن الدور الأكثر إنتاجاً للعناوين الجديدة والأكثر مبيعاً والأكثر توقيعاً ومساهمة في فعاليات معرض الرياض، بل والأكثر جماهيرية من حيث الطلب على إصداراتها، لم تحظ بما تستحق ( إحدى دور النشر وقع مؤلفوها 28 إصدارا منها 10 في يوم واحد وهو رقم قياسي غير مسبوق وهي المتصدرة للإنتاج الأدبي للمملكة لسنوات عديدة، ومقرها في الدمام أي خارج الرياض منحت 12 متراً)، ومع كل ما سبق رأيت خلال لقاءاتي بالقائمين على المعرض كل تجاوب وحرص على التطوير والاستفادة من تجربة هذا العام، الذي شهد للأمانة تميزاً من حيث عدد الدور المشاركة وعدم وجود تجاوزات من رجال هيئة الأمر بالمعروف، كذلك التعاون الواضح من العاملين في المعرض. همسة أخرى حول عدم الإقبال على الكتب التي تطبعها الأندية الأدبية أو التي صُممت من البداية لتُباع على وزارة الإعلام سواءً في أروقة معرض الكتاب أو خارجه، رغم أن بعضها يوزع مجاناً أو بأسعار زهيدة دليل على ضرورة الانتقال من آلية تشجيع إنتاج أي كتاب من خلال شرائه والمعمول به من السبيعينيات إلى مرحلة تشجيع إنتاج كتاب يتم نشره ويستحق الشراء ويرفع من أسهم المؤلف السعودي مقارنة بغيره من خلال دعم نشره من خلال الدور الناشرة مع شروط تتعلق بالتوزيع مثلاً، ولكي يتحقق هذا الهدف وغيره نتمنى على وكالة الثقافة أن تعلن عن إستراتيجيتها الوطنية في مجال الثقافة التي لابد وأن تشمل الأهداف الجوهرية، وآليات التنفيذ، ووضع تصنيف لدور النشر وترسيخ مبدأ أن أية حلول أو مقترحات لتطوير الثقافة يجب أن تكرس العلاقة بين أطراف السوق الثقافية (المؤلف، الناشر، الإنتاج الثقافي الفكري أو الإبداعي) لا أن تُخرج أحد الأطراف من المعادلة أو تهمله أوتعمل على إضعافه ولو وبحسن نية.. تحياتي. [email protected]