تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة الانتشار العالمي لاضطراب التوحد حوالي 1 من كل 160 شخصا، وفي بلدان العالم النامي التقديرات تشير إلى أن انتشار الاضطراب هو بين 24 من كل 10.000 طفل. ولكن هذه التقديرات غير دقيقة لعدة عوامل منها: عدم التشخيص الصحيح أو التأخر في التشخيص، وقلة توفر المختصين بالمجال، وعدم وعي الأهل بالحالات، وغيرها الكثير من العوامل. التوحد هو أحد الاضطرابات المعقدة في نمو الدماغ، والتي تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة، ويمكن تشخيصة في سن عامين. يعاني الأطفال المصابون باضطراب التوحد من مشاكل متفاوتة الشدة، وتختلف من حالة لأخرى. لكنها في الغالب تكمن في صعوبة التواصل واللغة والتخاطب والاندماج الاجتماعي واضطراب في السلوك. ومن الأعراض التي قد تلاحظ على حاملي هذا الاضطراب هي عدم الاستجابة عند مناداته وغياب التواصل البصري المباشر وأنماط سلوكية متكررة. يعتبر الذكور أكثر احتمالا للإصابة باضطراب طيف التوحد بحوالي أربع مرات مقارنة بالإناث. وعلى الرغم من أنه لم يكتشف علاج شاف لهذا الاضطراب حتى الآن، لكن التدخل المبكر يمكنه أن يحدث تغيرا ملحوظا في حياة المصابين به. ومن الجدير بالذكر أنه لا توجد طريقة واحدة للعلاج تتناسب مع جميع الحالات، لكن الركيزة الأساسية في العلاج هي زيادة قدرة الطفل على أداء الأعمال بأكبر قدر من خلال الحد من أعراض الاضطراب ودعم النمو والتعلم لديه. إن الاحتفال باليوم العالمي للتوعية بالتوحد الذي يصادف 2 أبريل من كل عام، يؤكد الالتزام الكامل نحو المصابين بالتوحد، وبضرورة تأمين جميع السبل لضمان حصولهم على الدعم لممارسة حقوقهم الأساسية ومشاركتهم الفعالة في المجتمع. كما أنه في هذا اليوم يجب أن يسلط الضوء بشكل كبير على التدخل المبكر، وتوفير أدوات الدعم. والحرص على تحطيم عزلة هذه الشريحة المتزايدة. لذا، لا بد من إعداد برامج مجتمعية إلى جانب إطلاق مبادرات نوعية هادفة، وذلك في إطار خطة توعية مستدامة وموجهة تستهدف الأطفال المصابين بالتوحد والأسر وكافة شرائح المجتمع لنساعد أولياء الأمور في التعامل مع الأبناء ذوي التوحد، وتوفير الإرشادات اللازمة للأمهات بشكل خاص لرصد الأعراض المبكرة للتوحد. أخيرا.. ومع شح المراكز المختصة في المملكة لا بد أن نسأل ما هو مستقبل الأطفال المصابة باضطراب التوحد؟ نحتاج تضافر الجهود وتبادل الأدوار ما بين الوزارات كوزارة الصحة ووزارة التعليم ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية والتحرك عاجلا للتخفيف من معاناة الأسر التي لديها طفل توحدي، وقد تنتقل خارج المملكة لتقييمهم ومعالجتهم ومحاولة تعديل سلوكياتهم وتعليمهم. كما أن إنشاء مراكز احترافية متخصصة بكوادر مؤهلة للأخذ بيد هؤلاء الأطفال ولاحتوائهم مطلب أساسي في هذه المرحلة. لنتوحد من أجل التوحد، ونسلط الضوء على هذه الفئة، ونوعي بهذا الاضطراب السلوكي، ولنمكن الأشخاص المصابين بالاضطراب من المشاركة الفاعلة في المجتمع ومواجهة التحديات التي قد يتعرضون لها.