تساءل الدكتور حسين الشمراني، استشاري نمو وسلوك الأطفال، بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالعاصمة الرياض؛ عن أسباب عدم تنفيذ المراكز الحكومية الثلاثة، التي أمر خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- بإنشائها للأطفال المصابين بمرض التوحد، حتى الآن؟!. وتطرَّق الدكتور الشمراني في تصريح ل"سبق"، لعدد من الملاحظات على الخدمات المقدمة للأطفال المصابين بمرض التوحد؛ منها غياب التنسيق والتكامل في الخدمات المقدمة من وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى تكلفة العلاج المرتفعة وإرهاق كاهل الأسر مادياً؛ مما جعل بعض الأسر تلجأ للسفر للخارج لمعالجة أطفالهم، كما دعا الجهات الرقابية بوزارة الصحة لمتابعة مَنْ يروِّجون لخلطات وطرق علاج غير علمية ومُضِرَّة بالأطفال.
وقال الدكتور الشمراني: اضطراب التوحد يظهر على شكل تأخُّر في اكتساب اللغة، مع تأخُّرٍ في التواصل والتفاعل الاجتماعي، فيميل الطفل للعزلة واللعب المنفرد، وقلة التواصل البصري، مع وجود سلوكيات نمطية؛ كالرفرفة باليدين، والتعلق ببعض الأشياء، والحُبِّ للروتين، كما أن بعضهم قد تكون لديه صعوبة في التعامل مع المؤثرات الحسية؛ فمثلاً تكون لديهم حساسية عالية للأصوات فيضع يديه على أذنيه مثلاً عند سماع أصوات عالية.
وأضاف الدكتور الشمراني: طفل التوحد لديه صعوبة في فهم الآخرين وصعوبة في التعبير عن طلباته ومشاعره، فهو يعبر عنها بطريقة مختلفة، كذلك يصعب عليه فهم ما هو السلوك الأفضل في مختلف المواقف الاجتماعية، مشيراً إلى أنهم يختلفون فيما بينهم في وجود الأعراض، وكذلك في شدتها من حالات بسيطة إلى متوسطة وشديدة.
وبيّن أنه لا توجد لديهم إحصائيات دقيقة لأعداد المصابين بهذا المرض، ولكن التوقعات تشير إلى ما يزيد عن 200 ألف طفل، والنسبة في ازدياد عالمياً.
وعن إمكانية علاج المرض أشار الدكتور الشمراني إلى أن التدخل المبكِّر والمكثَّف يعطي أفضل النتائج، والتدخل المبكر يقدم من قبل فريق متخصص يشمل جلسات التخاطب والنطق، وتنمية مهارات التواصل الاجتماعي وتعديل السلوكيات والتدريب على الحمام وغيرها.
وأردف: كذلك التوعية للأسرة والمجتمع مهمة جداً؛ فدورهم أساسي في تقبُّل الطفل التوحُّدي وفهمه ودعمه نفسياً واجتماعياً، كما أن تدريب الأسر على التعامل مع الطفل التوحدي يساعد كثيراً في علاجه، كذلك لابد أن نعي دور الأسرة في الاكتشاف المبكر للتوحد.
وأبدى الدكتور الشمراني أسفه على مستوى الخدمات المقدمة للأطفال المصابين بالتوحد، وقال: لا زالت تنقصنا الكثير من الخدمات، فعدد عيادات التشخيص الحكومية والخاصة قليل، وعدد مراكز التدخل المبكر قليل، وعدد المختصين قليل جداً، ويتركز في المدن الرئيسة، وكذلك المدارس وبرامج الدمج في التعليم.
وأكمل: نقص عيادات التشخيص يؤدي إلى فقد فرصة الاكتشاف المبكر والتدخل المبكر، وبالتالي يفقدون فرصة كبيرة في التحسن؛ فالسنوات الأولى من العمر تعتبر فترة ذهبية لتعلم اللغة والمهارات الأخرى والتي يصعب تعويضها لاحقاً.
كما بين الدكتور الشمراني أن تكلفة العلاج هنا مرتفعة وترهق كاهل الأسر مادياً؛ ولذلك تضطرُّ بعض الأسر للسفر للخارج من أجل العلاج، مشيراً إلى أنه من الملاحظ غياب التنسيق والتكامل في الخدمات المقدمة من وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية.
وختم استشاري نمو وسلوك الأطفال الدكتور حسين الشمراني، تصريحه قائلاً: نحتاج إلى توعية أكبر للمجتمع عن أعراض التوحد الأولية وضرورة مراجعة المختصين عند وجود شكوك بالتوحد؛ فالتشخيص والتدخل المبكر مهم جداً وفائدته أكبر للطفل، كذلك ضرورة تقبل الأطفال التوحُّدِيِّين في المجتمع ودعمهم، وضرورة قيام الجهات الرقابية في وزارة الصحة بمتابعة كل من يروج لخلطات وطرق علاج غير علمية ومضرة للأطفال.