نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة ، افتتح وكيل الإمارة الدكتور حامد بن مالح الشمري مساء الثلاثاء الماضي, فعاليات ملتقى نادي الباحة الأدبي للرواية في دورته الخامسة بعنوان (الرواية العربية .. الذاكرة والتاريخ) ، بقاعة الأمير فيصل التعليمية بمدينة الباحة . وقد أقيم حفل خطابي بهذه المناسبة ألقى خلاله رئيس النادي حسن بن محمد الزهراني كلمة رحب فيها بالحضور ، مثمنا حضور المشاركين من الوطن العربي . وأبرز الزهراني النجاحات المتميزة التي حققها النادي خلال الملتقيات السابقة ، معرباً عن شكره لوزارة الثقافة والإعلام والداعمين لفعاليات الملتقى الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام . بعدها ألقى الدكتور محمد رجب الباردي من تونس كلمة المشاركين ، الذين عبروا فيها عن شكرهم لنادي الباحة على جهوده في جمع هذه الكوكبة متمنين أن يخرج هذا الملتقى برؤية واضحة للرواية العربية . بعد ذلك ألقى وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشئون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان كلمة قال فيها «إن الملتقى هو السرد وهو مجال خصب يحتاج إلى مزيد من الدراسة وهو مجال يفيد الدارسين والباحثين في مجال الرواية العربية» ، مشيراً إلى أن أوراق العمل التي ستطرح في هذا الملتقى سيكون لها الحضور العالمي . وأشاد الحجيلان بدور الداعمين لمختلف البرامج والفعاليات التي يشهدها النادي الأدبي بالباحة ليحقق النجاحات المتتالية في مجال الأدب والثقافة ، داعياً رجال الأعمال بالمنطقة إلى تبني رؤية واضحة لاستكمال مباني النادي ومنشآته ، معرباً عن شكره وتقديره لسمو أمير منطقة الباحة على دعمه ورعايته لهذا الملتقى . عقب ذلك ألقى وكيل إمارة منطقة الباحة الدكتور حامد بن مالح الشمري كلمة نقل من خلالها تحيات سمو أمير منطقة الباحة لضيوف المنطقة ، متمنياً أن يحقق الملتقى النجاح المأمول . وبين الشمري أهمية هذه التظاهرة الثقافية التي ستطرح العديد من المحاور حول الرواية العربية التي اختير لها عنوان جدير بالاهتمام , مشيراً إلى أن نادي الباحة حقق قصب السبق في وضع بصمة على جبين الثقافة السعودية والعربية . ونوه بدعم وزارة الثقافة والإعلام ، مبيناً أن المنجزات الثقافية تترجم بوضوح ما تعيشه الثقافة في المملكة من تطور وازدهار تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو نائبه - حفظهما الله - . وفي ختام الحفل كرم وكيل إمارة منطقة الباحة الداعمين والرعاة والروائيين المشاركين في الملتقى ، فيما تسلم وكيل الإمارة درعا تذكارية من وكيل وزارة الثقافة والإعلام بهذه المناسبة . الجلسه الاولى هذا وكانت جلسات الملتقى قد بدأت صباح امس تحت عنوان «الرواية العربية .. الذاكرة والتاريخ» وقد شهدت الجلسة الاولى بادارة د.معجب العدواني ومشاركة حسن النعمي ود.زهور كرم ود.م.محمد مصطفى حسانين ود.عبدالحق بلعابد الوقوف عند الكثير من المصطلحات وخاصة عنوان الملتقى ، ومسألة هل من حق المؤلف ان يغير في بعض الحقائق؟ وهل يجب الوقوف امام مصطلحات بعينها رغم ان بعض الاوراق المقدمة كانت بعيدة عن عنوان الملتقى. في البدايةطرح د.حسن النعمي بحثه «الرواية والمنعطف التاريخي» مركزا الحديث عن تجربة الرواية السعودية مبينا ان المنعطف التاريخي لعب دورا حاسما في تشكل الرواية سواء من حيث الشكل او المضامين . فالرواية ولدت مع تأسيس الدولة في فترة كانت فنا غائبا في ظل هيمنة الشعر. وحضرت في الستينات في ظل البدء في مشروع التحديث مع اقرار التعليم النظامي للفتاة، ودخول التلفزيون، اما في الثمانينات فتشكلت الرواية في ظل تحول المجتمع من حد الكفاية الى فيض الطفرة وما صاحبها من تغيرات اجتماعية عميقة، وفي منتصف التسعينات وبدء الألفية الثالثة تجاوبت الرواية مع الهزات العنيفة التي اصابت المجتمع، وانفتاح المجتمع بفعل الفضائيات والانترنت، وحادثة الحادي عشر من سبتمبر كان لها التأثير الخطير على تشكيل الرواية فنا ورؤية. واوضح د.النعمي ان تطور الرواية كان جزءا من جدلية اللحظة التاريخية وعمق حضورها. ولان الرواية بطبعها فن الرصد والتجسيد والاستشراف فقد كان النص الملائم لاستيعاب هذه التحولات اكثر من غيرها. فيما اعتبرت د.زهور كرام في بحثها المعنون «من النص الى التاريخ تحولات في الخطاب الروائي» الرواية اسلوب تفكير حداثيا ، فيما هي تحول مواد العالم الى عناصر روائية وفق بناء تحكمه رؤية منتجة للدلالة، فيما هي تتحول الى طريقة – استراتيجية في التفكير في التاريخ والذاكرة والذات ، وقد اتى الاهتمام المركز على الجنس الروائي في الدرس النقدي الادبي باعتباره اكثر الاجناس التعبيرية بلاغة في تحويل العناصر التاريخية والاجتماعية الى حالات متخيلة . وتقترح د.زهور ضرورة اضاءة تحولات العلاقة بين الروائي والتاريخي في التجربة العربية بالاشتغال على نماذج اكثر تمثيلية لهذا التحول. وطرح د.محمد مصطفى حسانين في ورقته «الرواية والتأريخ السحري للحاضر» التساؤل حول العلاقة بين التأريخ والرواية العربية المعاصرة ودور هذا التأريخ الجمالي في اعادة تكوين الراهن، عبر توسط السرد ، وتحبيكه للتاريخين ، تاريخ الماضي ، وتاريخ الحاضر، اذا افترضنا أن كل سرد انما هو سرد عن الماضي او حوله. ويتساءل عن جماليات الرواية العربية وقدرتها على ممارسة التأريخ ، حين تغيب التاريخ الرسمي ، وارشيفه وسجلاته، وتلوذ بالخيالي والعجائبي والسحري، لكي تخط جوانب الحدث الراهن، او الماضي القريب. وقد اتخذ د.حسانين ثلاث روايات للروائي الجزائري واسيني الاعرج كمحور للتحليل النصي في بحثه ، يرى انها ثلاثية متكاملة ، تتقاطع فيها جماليات ورؤى على قدر كبير من التناقذ ، مما يجعل التعامل معها بوصفها خطابا. فيما جاء بحث د.عبدالحق بلعابد تحت عنوان «العقل السردي بين قصدية التخييل وصدقية التاريخ» في رواية «العلامة» لبن سالم حميش ، وقد ركز الباحث على العلاقة الجدلية بين الرواية والتاريخ مؤكدا ان التجارب الانسانية لا تخلو من وجود مفكرين وفلاسفة منذ ارسطو والفارابي وابن رشد ونيتشه ، الا وكان لهم نصيب في التدبيرات الادبية . وتلت تلك الجلسة ثلاث جلسات اخرى شارك فيها مجموعة من الباحثين والنقاد العرب والسعوديين .. وسنتناولها لاحقا.