في الوقت الذي يوقع فيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظه الله- مع المسؤولين في الحكومة الصينية اتفاقية طريق الحرير الاقتصادية إيذانًا بإطلاق منصة استثمارية جديدة من مدينة جازان نهاية الأسبوع الماضي، يمضي سموه بذات الوقت في فرش الحرير في طريق العمل الخيري عبر تبرع سخي جديد للجمعيات الخيرية في المنطقة الشرقية بلغ 16 مليون ريال، بعد تبرعات مماثلة في كل من منطقتي الرياض ومكة المكرمة. الجميل في الأمر أن الرجل الذي يحمل على عاتقه مهمة تنمية اقتصاد الوطن، وبناء منصات الاستثمار فيه، هو ذاته الرجل الذي يرعى العمل الخيري ويمحضه بهذه الدعوم السخية المتوالية، مما يؤكد أن رؤية سموه الكريم، وانشغاله بهمّ رفع كفاءة الاقتصاد الوطني وهي مهمة رقمية جافة، لم تُبعد عن وجدانه تلك الفئات التي تحتاج العون والمساعدة، ليبني هنا منصة للاستثمار في ذات الوقت الذي يرفع فيه أعمدة منصات الخير هنا وهناك. هي معادلة عصيّة، وصعبة المراس، لا يستوعبها، ولا يروّضها سوى الأفذاذ الذين لا تغمض لهم عين عمّن يحتاج إلى الرعاية من الضعفاء والعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة، ومن وهبه الله سعة الأفق في رؤية الأشياء بمثل هذا الاتساع. لذلك لم ينشغل سمو الأمير بأرقام الاستثمار التي تشكل صلب الرؤية السعودية في تنويع مصادر الدخل، عن احتواء تلك الشرائح الرقيقة من مواطنيه لأنه يريد أن يبني مجتمعًا متماسكًا، متعاطفًا، متكافلًا، لا يسقط فيه، ولا منه أحد. وبناءً عليه فقد حظيتْ تلك الأيادي الكريمة من سموه الكريم بالكثير من التقدير من كافة أبناء الوطن، وهي التي جاءتْ على هيئة متوالية يبدو أنها تتجه لتغطية كافة أرجاء الوطن خيريا، تمامًا كما غطته على صعيد الاستثمار. وقد أعرب صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية عن شكره وتقديره لسمو ولي العهد على هذا التبرع السخي الذي سيسهم في قدرة الجمعيات الخيرية في المنطقة على تنفيذ عديد البرامج الخيرية، لتؤدي ماهو مطلوب منها بالكثير من الكفاءة والملاءة والقوة. والموقف ذاته صدر أيضًا عن صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن فهد بن سلمان نائب أمير المنطقة، والذي رحّب بدوره بتبرع سمو ولي العهد، وعدّه رافعةً مهمة لأعمال الخير، ومظلةً سيكون من شأنها احتواء الكثير من ذوي الحاجات، وتأمين متطلبات الحياة الكريمة لهم. وبمثل هذا البناء الذي يقوده سمو ولي العهد الأمين، ويقوم على التوازن بين منصات الاستثمار ومنصات العمل الخيري تستقيم الحياة، ولا بد أن تستقيم بحول الله طالما أن من يتصدى لها يملك كل هذا الحس الممعن في الخيرية، وطالما أن هذا الوطن يحظى برعاية زعيم الأمة وقائدها وملهم خطواتها الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، وسدد خطاه.