رحل فجر أمس الخميس الكاتب والأديب عبدالله الشباط بعد رحلة طويلة في عالم الكتابة والإعلام والصحافة، حقق فيها الكثير من الإنجازات الاعلامية والفكرية وكان رائدا مشهودا له بالتفوق والإبداع والصدق والموضوعية. ويُعد الراحل أحد رواد صحافة الأفراد في السعودية ومن أوائل من أسس صحفاً ومجلات في الأحساء بشكل خاص والمنطقة الشرقية بشكل عام، كما كان من السبّاقين لإدخال الطباعة في المنطقة، وواجه الشباط مصاعب جمة في رحلته الطويلة مع الوظيفة والكلمة وانتهى مشواره الوظيفي بالفصل من العمل في رئاسة بلديات المنطقة المحايدة (ميناء سعود). وفيما يخص الكلمة فقد احتل مكانة رفيعة كأديب لامع يحمل روحاً أدبية وفكراً متوقداً، كتب في القصة والمقال وله أبحاث ودراسات أدبية مخطوطة ومنشورة. في مقتبل عمره كان طموحه أن يصبح معلماً ليطلق عليه لقب «أستاذ»، وبالفعل وبعد أن نال الشهادة الابتدائية من مدرسة الهفوف الأميرية عام 1369ه مارس مهنة التدريس وذلك لمدة أربع سنوات متنقلاً بين الدماموالقطيف، وأتاح له ذلك الالتقاء برموز الثقافة والأدب في هاتين المدينتين، وفي عام 1373ه وهي بداية نهضة المنطقة الشرقية عاد للدراسة بالقسم الثانوي في المعهد العلمي بالأحساء وكان مديره آنذاك الشيخ عبدالله بن خميس الذي شهد المعهد في عهده نشاطاً ثقافياً لافتاً من خلال النادي الأدبي التابع للمعهد، وفي المعهد رأس صحيفة حائطية سجلت حضوراً في المنطقة وكانت تحمل اسم الضياء الجديد، وهو ما شجع المعهد على إصدار «مجلة هجر» وهو اسم الأحساء قديماً، ورأس تحريرها مدير المعهد الشيخ عبدالله خميس في حين تولى الشباط سكرتارية تحريرها، وقد صدر العدد الأول منها في شهر المحرم من 1376ه ب 43 صفحة وطبعت في مطابع المصري ببيروت، وأصدر الشباط في عام 1375ه صحيفة أسبوعية حملت اسم «الخليج العربي» ثم توقفت لتعاود الصدور على هيئة مجلة شهرية ثم جريدة أسبوعية إلى أن توقفت نهائياً عن الصدور بعد إلغاء امتياز الصحف والمجلات التي كانت تصدر في جميع أنحاء المملكة، وتحويلها إلى مؤسسات أهلية وذلك عام 1383ه. ولد عبدالله أحمد الشباط في الأحساء عام 1353ه وعمل في عدة وظائف وبرزت خصائصه الأدبية في سن مبكرة وقد اشتهر بابن الأحساء البار أو أديب الأحساء، ليرمي نفسه في مقتبل عمره في أحضان الصحافة. يقول الشباط في رسالة إلى الأستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي الباحث والمؤلف المعروف، نشرها في كتابه «البدايات الصحفية في المملكة العربية السعودية» الذي تناول فيه بدايات الصحافة في المنطقة الشرقية: في عام 1369ه نلت الشهادة الابتدائية من مدرسة الهفوف الأميرية فداخلني شعور بالزهو والاستعلاء ظناً أني بلغت من العلم غايته وهذا ما دفعني لقبول العمل في سلك التدريس لأتمتع بلقب أستاذ، وكان ذلك بسعي المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالعزيز التركي معتمد المعارف بالأحساء آنذاك، وأمضيت الأعوام من 1370 إلى 1373ه متنقلاً في مهنة التدريس بين الدماموالقطيف حيث التقيت خلال هذه الفترة بكثير من رموز الثقافة والأدب في القطيفوالدمام، وشهدت بداية نهضة المنطقة الشرقية. وخلال هذه الفترة من 1373 إلى 1375ه صدرت عدة جرائد ومجلات في المنطقة الشرقية مثل «أخبار الظهران»، «الفجر الجديد»، ومجلة «قافلة الزيت»، ومجلة «الإشعاع»، وفي البحرين: «جريدة البحرين»، و«القافلة»، و«الوطن»، ومجلة «صوت البحرين». وكنت أكتب في بعض هذه الصحف والمجلات مقالات أدخلت في روعي أنني أصبحت بحق أستاذ الأدب والفكر، وفي عام 1373ه عدت للدراسة بالقسم الثانوي بالمعهد العلمي الذي كان يقوم على إدارته الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس، وشهد المعهد خلال فترة إدارته نشاطاً ثقافياً ملحوظاً، محاضرات وأشعارا وصحف حائط، وكان من ثمار تلك الأنشطة مجلة «هجر» التي كان لي شرف سكرتارية تحريرها. فلماذا لا أمد بصري إلى خارج أسوار المجلة لأتصل بمجلات: «الهدف» في بغداد، و«القلم الجديد» في عمان، و«السمير» في نيويورك. ويضيف الشباط: في نهاية عام 1375 ه تقدمت بطلب الترخيص بإصدار مجلة ثقافية في الأحساء تحت اسم الخليج العربي وصدرت الموافقة برقيا من الديوان الملكي، وبكل غرور الشباب وحماسه أصدرت مجلة الخليج العربي مجلة ثقافية تصدر بالأحساء، مدير تحريرها الشيخ إبراهيم بن عبدالمحسن العبدالقادر، وسكرتير التحرير عبد العزيز بن سليمان العفالق. وكان ذلك أسوأ مقلب شربته في حياتي، حيث توقفت بعد ستة أعداد صدرت غير منتظمة لأسباب مادية ومهنية لنقص الخبرة وعدم التخطيط للمستقبل وعدم الإلمام أساسا بمهنة الصحافة. ويضيف: في أول عام 1381ه رشحت لوظيفة مساعد رئيس بلدية الخبر إلى نهاية عام 1383ه، وفي 1 /1 /1384ه رشحت لرئاسة بلديات المنطقة المحايدة (ميناء سعود) إلى عام 1387 ه حيث فصلت من الوظيفة هذا وللراحل العديد من المؤلفات في الأدب والقصة والتاريخ منها: أبو العتاهية دراسة، أدباء الخليج، أحاديث بلدتي القديمة، الفقيه الشاعر عبدالله علي آل عبدالقادر، دراسات خليجية شاعر الخليج: صفحات مجهولة من أدب خالد الفرج، صفحات من تاريخ الأحساء، حمدونة (قصص)، الخبر: عروس الشرقية، الأحساء: أدبها وأدباؤها المعاصرون، بالإضافة إلى مقالات ودراسات نشرت في الصحف السعودية، خاصة اليوم التي كان أحد كتابها حتى رحيله أمس. رحم الله الكاتب والأديب عبدالله الشباط. عبدالله الشباط رحمه الله جموع خلال تشييع الجثمان