ذكر الدكتور علي النملة وزير العمل والشؤون الاجتماعية سابقا أنه يمكن أنْ يُنظر لحركة الالتفات والالتفاف في مجال الاستشراق في العديد من الأمور منها التفات الغرب نفسه للتراث العربي الإسلامي، ونقله من مواطنه، وترجمة بعضه، ونشر بعضه، ودراسة بعضه. وأضاف خلال الندوة، التي أقامها في نادي الأحساء الأدبي بعنوان «مسارات الاستشراق من الالتفات إلى الالتفاف» وحضرها عدد من الادباء والمثقفين التفات العرب والمسلمين إلى النقد الموضوعي لإسهامات المستشرقين السابقين والمعاصرين للتراث العربي وتاريخه وحاضره ورحلة التعاطي مع الاستشراق من الانبهار إلى الإدانة ومن فهمهم للإسلام وإلى عدِّهم أحد التيَّارات المعادية للإسلام وروَّاد نقد الاستشراق جمال الدين الأفغاني محمد عبده ورشيد رضا ومحمود محمد شاكر. وأضاف كذلك مسار التفات الاستشراق نفسه إلى ذاته، وإعادة ترتيب أوراقه بما يلائم الحال القائمة والتفات العرب والمسلمين أنفسهم إلى تراثهم بالدراسة والتحقيق والنشر، بصورة أوسعَ مما كانت عليه من قبلُ، وكذلك مسار التفات العرب والمسلمين إلى فهم الغرب، من حيث تفكيرُه وتطلُّعاتُه ومواقفُه من الأمم الأخرى، وأخذ هذا المسار مفهوم الاستغراب لا التغريب ومسار التفاف المستشرقين على مصطلح الاستشراق، واللجوء إلى تفتيت الاستشراق وتوزيع مهمَّاته على حقول المعرفة.وأضاف إن الذين يتحدَّثون عن نهاية الاستشراق الوشيكة، يذكرون عدَّة أسباب منها تخلُّف المناهج لدى المستشرقين وفقدان الخصوصية بينهم، وتعدُّد مجالات اهتماماتهم وضعف التكوين العلمي لجمع من المستشرقين وتقلُّص الدعم، الذي كانت تحظى به أقسام الدراسات الشرقية وعزوف كثير من المستشرقين عن التخصُّص في هذا المجال، وتراجُع مكانةِ دُور النشر المتخصصَّة، مثل مكتبة بريل بمدينة ليدن في هولندا، ولوفان في بلجيكا وفرنسا مهما بالغ المرءُ في موقفه الإيجابي من الاستشراق، أو تلك المعرفة التي ينتجها الغربُ عن الشرق العربي خاصَّةً، ومهما أسرف في تقديره لإنجازاته المعرفية في الجانب الأكاديمي - والبحثي منه- فإنَّ الاستشراق القديم والحديث يظلُّ منتَجًا إنسانيًّا محكومًا بظروف المواجهة بين منتجها (الغرب) وموضوعها (الشرق)، وبأهواء أصحابها وأفكارهم المسبقة وبمصالحهم الدنيوية، في عالمٍ تحفِّزه المصالح الملوَّثة لا القيم والمبادئ.