الميليشيات الإرهابية تتماثل في ثقافة واحدة هي التدمير والفوضى وانتهاك المحرمات. وقد خطط نظام إيران استراتيجية خاصة لميليشياته، التي يديرها مباشرة، مثل الحوثيين وحزب الله وفرق الموت في العراق، والتي خطط نظام طهران لتأسيسها ويسر صعودها ووجهها لتدمير الوطن العربي مثل منظمة داعش الإرهابية. وهذه الاستراتيجية تمثل ثقافة عمل يومي للميليشيات الإرهابية، فالحوثيون بدأوا صعودهم الأخير واحتلالهم لليمن بتفجير المساجد ودور تحفيظ القرآن، ومنازل المواطنين الذي يعارضون النهج الاحتلالي الإيراني، ونصبوا المدافع ومنصات الصواريخ قرب المستشفيات، والمدراس، ومساجد أيضاً، غير عابهين بسلامة الناس والمرضى والطلاب. وبحسب تقرير رسمي صادر عن برنامج التواصل مع علماء اليمن التابع لوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، فقد تعرض 29 مسجداً في عدة محافظات يمنية للتدمير والتفجير بالكامل منذ اندلاع العملية الانقلابية وحتى مطلع عام 2016، بينما تعرض 24 مسجداً لأضرار بالغة وتهدم أجزاء من جدرانها، فيما حولت الميليشيا الحوثية 146 مسجداً إلى «ثكنات عسكرية» لقتل الناس وتدمير المنازل ومقرات للقناصة لاصطياد الرجال والنساء والأطفال المارين حول تلك المساجد. وبذلك فإن الحوثيين يستجيبون لتطبيق استراتيجية الميليشيات الإيرانية التي تتقصد تفجير المساجد بالذات، واستهداف المستشفيات والمدراس في العراق واليمن وسوريا. وهي سلوكية استراتيجية تطبق منظمة داعش الإرهابية أيضاً، وعمد الحوثيون إلى استغلال كافة أركان المساجد التي نجت من التفجير والقصف لعدة أهداف دنيئة، هي تحويل الأدوار الأرضية إلى مخازن للأسلحة الثقيلة والمتوسطة والمتفجرات، وباحات المساجد إلى مكان للمقيل والتدريب، بينما حولت فناء المسجد الداخلي ومحاربها إلى مكان لمضغ القات وتناول «الشيشة» و«الشمة». وواضح أن ميليشيات الحوثيين، بتطبيقها للنهج الاجتثاثي الإيراني في العراق وسوريا، واستهدافها للمساجد بالذات، تنهض بمشروع تطهير طائفي وإبادة جماعية للوجود الديني الذي لا يوالي الصفوية الإيرانية، في مختلف أنحاء المحافظات اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، بغية تحقيق هدفها الأسمى بإقامة، «إمارة مذهبية خالصة»، طبقاً لوصف التقرير، لخلق صراعات طائفية مستمرة في اليمن وبالتالي اضطرابات مستمرة فيتسنى لإيران الحضور والعمل في المستنقع التي تدفع اليمن باتجاهه. وأفصح التقرير عن ترتيبات حوثية - إيرانية فيما يخص استهداف دور العبادة، إذ قامت ميليشيا الحوثي باستقدام مصورين تابعين لقناتي «العالم» الإيرانية و«المنار» التابعة لحزب الله اللبناني لتصوير ونشر وقائع تفجير دار الحديث الشهير في منطقة «كتاف» شمال صعدة، حيث لقيت حادثة التفجير حفاوة القناتين. وقال التقرير: إن المساجد التي حوت مواد غذائية لتوزيعها على فقراء المناطق المجاورة لم تسلم من الانتهاكات الحوثية، إذ تسابقت الأيادي الحوثية إلى سرقة المواد الغذائية من داخل المساجد، إضافة إلى نهب السماعات والميكروفونات وسجادها الأرضي والرفوف المخصصة لأحذية المصلين. وفرضت الميليشيات خطباء بالقوة الجبرية على العديد من المساجد، إذ يرى الحوثيون أن الأولى بهم قبل التمدد المناطقي استهداف المساجد التي تنشر ما يخالف عقيدتهم، بهدف طمس كل شيء له صلة بتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية، وإحلال الفكر الإيراني الخميني المستورد بشعاراته ورموزه ومنشوراته الفكرية والثقافية والسياسية.