مملكتنا الحبيبة تتطور.. تتطور للأفضل، فهذه طبيعة الأمم الطموحة التي تنمو وتنافس وتصنع مستقبلا أفضل لشعوبها. منذ إطلاق الرؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني هناك حراك مؤسسي ملحوظ وخطى متسارعة لتحقيق الرؤية. شهدنا يوما تاريخيا للمرأة السعودية بتعيين صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود وكيل الرئيس للقسم النسائي بالهيئة العامة للرياضة وتزامن هذا التعيين مع انعقاد الألعاب الأولمبية التي تقام في ريو دي جانيرو بالبرازيل، حيث تشارك مملكتنا لثاني مرة على التوالي بوفد رياضي نسائي. قبل أربعة أعوام عندما شاركت سعوديتان فقط في أولمبياد لندن (2012) أثير الجدل حول مشاركتهما وما زال يثار. اليوم رغم استمرار الجدل نرى أربع مشاركات هن: سارة عطار في سباق الماراثون (42 كم) وكاريمان أبو الجدايل في سباق (100 متر) ولبنى العمير في المبارزة وجود فهمي في الجودو. شاركن ضمن وفد مكون من 15 رياضيا ورياضية ودون التقليل من شأن زملائهن إلا أنهن بطلات بالفعل، ليس فقط لأنهن شاركن في منافسة رياضية دوليا، بل لأنهن تحلين بالشجاعة الكافية للمشاركة رغم الاعتراضات المجتمعية التي ما زلنا نعيشها. فبينما العالم يرحب بهن ويشجعهن يجدن من مجتمعهن المنتقد والمستهزئ والحاقد والمتصيد، شجاعتهن جعلت كل هذا لا يهم، بل صنعن لأنفسهن مجدا ودخلن التاريخ الرياضي النسائي وساهمن في شق الطريق وتيسيره لغيرهن. الفتاة السعودية تحتاج للفرص والقدوات من بنات جنسها، لأناس يفتحون لها مجالات جديدة للمشاركة وهؤلاء الرياضيات هن قدوات مشرفات أفخر بهن وأعلم بأن الكثيرين يشاركونني هذا الفخر. في الوقت الذي ما زلنا فيه نسمع نقاشات مكررة حول ممارسة الطالبات الرياضة في المدارس نجد رياضياتنا يشاركن ويمثلن المملكة دوليا. هذا التوجه مع تعيين امرأة في مستوى رفيع مثل الأميرة ريما يخدم الرياضة النسائية، بل لا بد من أن يكون له الأثر الإيجابي في تثبيت الرياضة في المدارس وترسيخ الممارسة مجتمعيا. أتعجب من أنه في عصرنا ما زال من يقف ضدها ويطلق الحجج الواهية وغير المنطقية ولكن الأجمل هو عدم الالتفات لتلك الحجج. بدايات السعوديات في الساحة الرياضية الدولية مبشرة ومن أجل الاستمرار بجدية تحتاج لتفعيل منهجي واسع، فاكتشاف المواهب الرياضية يكون مبكرا من خلال الأندية الرياضية في المدارس على جميع المستويات والجامعات وهذا ما نطمح اليه، تبدأ كلعب ومنها لممارسة الرياضة جزء من أسلوب عيش صحي ومن ثم الهواية والاحتراف. اكتشاف المواهب ودعمها مبكرا ضرورة، لذا نتوقع من الأميرة ريما الشيء الكثير ومنها على سبيل المثال لا الحصر اتفاقية مع وزارة التعليم لإدخال الرياضة في المناهج كجزء أساس وخطوة أولية. أما على مستوى الجامعات فننتظر الأندية الرياضية تحت مظلات عمادات شؤون الطلاب لتوفير الهيكل الإداري والمرافق المناسبة مع الإشراف والتدريب. المجال كبير والتحديات ضخمة ولكن مع توجه المملكة فإن الصعوبات سوف تذلل بإذن الله. الرياضة صحة وسعادة من مارسها بحق تعلم معها الكثير عن النظام الغذائي الصحي واستفاد من مزاياها. ممارسة الرياضة ليست بالشيء الغريب على السعوديات، وكذلك ليست كل من تُمارس الرياضة في المملكة سوف تشارك في الألعاب الأولمبية لكنها بالتأكيد سوف تشارك في بناء مجتمع صحي وسعيد، ومن لا يطمح لهذا؟.