في ضوء الزيادة الكبيرة في الوظائف في يونيو، أردتُ تقديم بعض السياق الأوسع نطاقا فيما يتعلق بالاقتصاد. إن فهم تقلبات البيانات ربما يعمل على تغيير الطريقة التي نتصور بها الأسواق المالية. أولا، التأسيس والإعداد: قد يكون من التهوين القول: إنه كان هنالك الكثير من العصبية بعد أزمة الائتمان والركود العظيم في الفترة من 2007-2009م. ربما أوقع الناس أنفسهم في الأذى، لكن الأذى كان عميقا ومؤلما. ومدى سرعة الاقتصاد في التعافي من المزيج الذي يجمع بين التوسع الهائل للديون، وبين موجة فقدان المساكن نتيجة لعجز أصحابها عن سداد القروض عليها، وارتفاع البطالة، هذا المدى يعتبر من المجاهيل الكبيرة. بعد انتهاء الركود، كان الكثير من خبراء الاقتصاد يتطلعون إلى ذلك بالطريقة الخاطئة. كان ينبغي عليهم التركيز على تراكم الديون. بدلا من ذلك، افترضوا أن ذلك كان انتعاشا عاديا من الركود، وأن الانخفاض العميق في الاقتصاد يمكن أن يتبعه ارتفاع آخر سريع. لكن ذلك لم يحدث، وأدى هذا إلى الكثير من القلق المشوب بالذنب لأن الانتعاش استمر متعثرا وبوتيرة أدنى كثيرا من تلك المتعلقة بحالات الانتعاش العادية خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ينسب الفضل إلى زميلي في بلومبيرج والرئيس السابق لشركة بيمكو، محمد العريان، في إيجاد مصطلح «الوضع الطبيعي الجديد». في خطاب ألقاه في عام 2010م أمام صندوق النقد الدولي، بعنوان «السير خلال الوضع الطبيعي الجديد في البلدان الصناعية»، وصف العريان التغيرات قائلا: لقد أوجدنا هذا المصطلح «الوضع الطبيعي الجديد» في بيمكو في أوائل 2009م في سياق التحذير من السوق السائدة والمهيمنة ورأي السياسة المتمثل في أن الاقتصادات الصناعية في فترة ما بعد الأزمة يمكن أن تعود إلى استخدام أحدث الوسائل المتاحة لديها. بدلا من ذلك، أشارت البحوث التي أجريناها إلى أن التطبيع الاقتصادي (مقابل التطبيع المالي) سوف يكون أكثر تعقيدا وغير مؤكد - ومن هنا جاء القياس المزدوج الذي يقول إن لدينا رحلة متفاوتة ووجهة جديدة. في تلك المحاضرة، قال العريان: إن بيمكو توصلت إلى ذلك المصطلح لتبديد الفكرة التي مفادها بأن «الأزمة كانت مجرد جُرح سطحي.. لكن الذي حدث هو أن الأزمة أحدثت أضرارا هائلة. فقد كانت النتيجة الحتمية لفترة زمنية غير عادية على مدى عدة سنوات تتسم بأوضاع لم تكن طبيعية على الإطلاق». يبدو هذا بأنه أصبح الرأي السائد ما بين كثير من أعضاء مهنة الاقتصاد. لكن الركود العظيم وما أعقبه لم يفاجئ جميع خبراء الاقتصاد. أوجد كل من كارمن راينهارت وكينيث روجوف إطارا مختلفا للنظر في ذلك الانتعاش، مستخدمين بيانات لتحديد كيف كانت الانتعاشات بعد أزمات الائتمان مغايرة للانتعاشات التي أعقبت حالات الركود العادية. كما قاما بتحديد ذلك قبل أن يكون نطاق الأزمة المالية واضحا لمعظم الناس. في يناير من عام 2008م، قاما بنشر ورقة بحثية بعنوان «هل الأزمة المالية الأمريكية الخاصة بالقروض العقارية لضعاف الملاءة مختلفة جدا؟ مقارنة تاريخية دولية». كما حذرا من أن قضية القروض العقارية الأمريكية كانت آخذة في التحول إلى أزمة ائتمان كاملة، وليس فقط ركودا عاديا. وقاما بتكرار التحذيرات من أن عبء الديون يمكن أن يعيق النمو إلى أن يحدث تقليص شامل للرفع المالي. على رأس تلك التحذيرات من أن الانتعاشات في أعقاب أزمات الائتمان كانت مختلفة عن غيرها من الانتعاشات الأخرى، قاما بالتركيز على البيانات التاريخية للإشارة إلى أن أسعار المساكن يمكن أن تنخفض بمقدار الثلث وأن أسواق الأسهم يمكن أن تتقلص بمقدار النصف. مع تحقيق أسواق الأسهم الأمريكية لمستويات قياسية مرتفعة قبل بضعة أشهر فقط، قوبل هذا التحليل بالشكوك من قبل الكثيرين. كل هذا يؤدي إلى وجود تقريري الوظائف الشهرية الماضيين. كان تقرير مايو بمثابة مفاجأة سلبية كبيرة، قابلتها مفاجأة كبيرة أخرى في يونيو. بدا كل تقرير بأنه يعقبه افتراضات مقابلة له - وغير صحيحة بالتأكيد - تتعلق بما يعني هذا بالنسبة للاقتصاد، وأسواق الأسهم ورفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. لن أروج لتقرير الوظائف الشهرية الذي يصدره مكتب إحصاءات العمل، بقدر ما أريد تذكير الناس بأنه يستند إلى نموذج شبه حقيقي يعتبر صاخبا ومليئا بالأخطاء، وفيه هامش خطأ بقدر كبير، وخاضع لتنقيحات متكررة. إن التوصل إلى استنتاج واسع النطاق ومن ثم الإدلاء بتصريح واسع النطاق أيضا بشأن أي تقرير وظائف منفرد يعتبر حماقة مطلقة. لا تزال الولاياتالمتحدة تعيش مرحلة الانتعاش ما بعد أزمة الائتمان - وهذا يعني أن المزيد من تقليص الرفع المالي آت وبسبب هذا يمكن توقع حدوث نمو متواضع، وخلق لفرص العمل، ومبيعات التجزئة لبعض الوقت في المستقبل. الوصفة العلاجية هي في الاستعاضة عن السياسة النقدية كمحفز اقتصادي رئيسي بسياسة قوية في المالية العامة، تركز بشكل رئيسي على البنية التحتية. وتمويل ذلك كله بسندات لأجل يقع تاريخ استحقاقها بعد 50 عاما أو 100 عام للاستفادة من أسعار الفائدة المنخفضة بشكل قياسي. إن عبء الديون الضخم جراء المال الرخيص وغياب السياسة التقليدية من المالية العامة خلال فترة ما بعد أزمة الائتمان هما حقيقة ما كان يسمى ب «الوضع الطبيعي الجديد». كلما أسرعنا في إنجاز تقليص الرفع المالي لدى القطاع الخاص، وإعادة تمويل الدين العام، والعودة إلى السياسة التقليدية في المالية العامة (وليس العودة إلى السياسة النقدية)، سنكون أفضل حالا جميعا في المستقبل.