أفاد مراقبون بأن الاتفاق الذي أبرمه حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة المخلوع صالح مع ميليشيا الحوثي بتشكيل مجلس سياسي لإدارة شؤون البلاد، لا يشكل فقط إجهاضا من جانب الانقلابيين لمفاوضات الكويت فحسب، وإنما بات يهدد بانشقاق حزب المؤتمر الشعبي الذي ظل يمثل القوة السياسية الأكثر حضورا على الساحة اليمنية. وهو الذي وجد انتقادا كبيرا على مستوى الاتحاد الأوروبي بقوله: إن الاتفاق يتنافى مع التزامات المشاورات، فيما وصفته الخارجية الأمريكية بخروج عن جوهر المفاوضات. ووصفت الخارجية الأمريكية إعلان صنعاء الذي أصدرته ميليشيات الحوثي والمخلوع، خروجا عن جوهر المفاوضات، مطالبة بإظهار حسن النوايا لدفع المشاورات إلى الأمام. وقال مصدر في الاتحاد الأوروبي: إن إعلان الميليشيات يتنافي مع التزاماتها إزاء مشاورات السلام اليمنية، مطالبا إياها، بحسب العربية، بالامتناع عن جميع الأعمال الأحادية التي تنتهك المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن. ومن المتوقع حسب وكالة الأنباء الكويتية أن يعقد مبعوث الاممالمتحدة لليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد جلسة مع وفد الحكومة اليمنية ضمن مشاورات السلام بالكويت لبحث تطورات الاوضاع في اليمن. كما سيجري المبعوث الاممي سلسلة لقاءات مع عدد من الدبلوماسيين فيما يلتقي رئيس مجلس الوزراء بالانابة ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح. ويتوقع ان يهيمن موضوع اتفاق ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح على تشكيل مجلس سياسي للحكم في اليمن على محادثات المبعوث. وحول مصير المشاورات بعد قرار تشكيل المجلس السياسي اكد شربل راجي المتحدث باسم المبعوث الاممي السبت ان «المشاورات مستمرة ولم تنته». وقال ان ولد الشيخ احمد سيلتقي وفد الحكومة اليمنية دون الإشارة الى طبيعة القضايا التي ستثار خلال الجلسة كما سيجري سلسلة لقاءات مع عدد من الدبلوماسيين قبل ان يلتقي رئيس مجلس الوزراء بالانابة ووزير الخارجية الكويتي. رفض الاتفاق وتأييد عبد ربه وكانت فروع لحزب المخلوع صالح في محافظاتعدنوحضرموتومأرب قد أعلنت رفضها الاتفاق، وتأييدها للشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي، وحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر. وتوقع متابعون أن تشهد الساعات والأيام القادمة مواقف مماثلة لفروع الحزب في محافظات أخرى بالشمال والجنوب. وفي هذا السياق، قال فرع الحزب في محافظة عدن في بيان «إن إعلان أطراف الانقلاب تشكيل المجلس يؤكد توجهاتهم للقضاء على أي بوادر للحل السياسي في اليمن، وإفشال مساعي الخروج من حالة الاحتراب». ووصف فرع المؤتمر بعدن تشكيل ما يسمى المجلس السياسي من قبل تحالف الانقلاب بأنه خطوة لتدمير ما تبقى من مقومات في الجانب السياسي. من جهته، قال فرع المؤتمر الشعبي بمحافظة مأرب في بيان نشره على وسائل الإعلام: «إننا في المؤتمر الشعبي العام فرع مأرب لا نعترف مطلقا بما أعلن عنه من مجلس سياسي سيئ الصيت والسمعة، وسوف نقف ضد أي إجراءات يتخذها، ونحذر القائمين على هذا المجلس الجديد من محاولة انتحال صفة المؤتمر الشعبي العام». وأكد فرع المؤتمر في مأرب وقوفه الثابت والمبدئي خلف الشرعية الدستورية المتمثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، ولن يتم التزحزح عن هذا الموقف مهما كانت التضحيات. أما بيان فرع المؤتمر في حضرموت فاعتبر أن الاتفاق «يمثل إساءة بالغة، وخروجا فاضحا على الميثاق الوطني ونظامه الداخلي وكل أدبياته ووثائقه القائمة على الثوابت الوطنية وعلى النظام الجمهوري وأهداف ثورتي أكتوبر وسبتمبر». وأضاف البيان: «وعليه فإن المؤتمر الشعبي العام بتاريخه الوطني الحافل وبمنجزاته المختلفة يتبرأ بنفسه من هذا الاتفاق الذي ولا يمثل إلا رغبة وجشع موقعيه، والذي برهن جليا عدم اكتراثهم لما يحل بشعبنا اليمني الصابر من مآسٍ وويلات جراء هذه الحرب العبثية التي أشعلوها». وكان وزير الخارجية عبدالملك المخلافي رئيس الوفد بالمشاورات، قد أوضح أنه تم إطلاع سفراء الدول الراعية للتسوية السياسية خلال سلسلة لقاءات الجمعة على الموقف النهائي في ضوء إفشال الانقلابيين للمشاورات، مشيرا إلى أن الأطراف الدولية أصبحت على قناعة تامة بأن الانقلابيين غير راغبين في السلام ووقف الحرب وحقن دماء اليمنيين، وأنهم يرفضون قرارات الشرعية الدولية. الميليشيات مرتبطة بنظام طهران أكثر من اليمن وفي سياق آخر، خرج الصحفي اللبناني خير الله خير الله بخلاصة مفادها أنه «كلما عرفت اليمن واليمنيين اكتشفت كم أنك تجهله وتجهلهم». ويحمل الكاتب هذا الانطباع ليوثقه في كتاب «حرائق اليمن. شهادات من الداخل من انهيار دولة الجنوب إلى انهيار الدولة» كاشفا عن أدوار زعامات محلية لعبت بالنار اليمنية وفككت الدولة وساهمت في صعود نجم ميليشيات الحوثيين الذين صاروا «أنصار الله»، على حد تعبيره. في (حرائق اليمن) يسلط الكاتب الضوء على المشهد السياسي اليمني المعاصر قائلا: «لم أكن سوى صحفي شغوف باليمن أحب أهله وأحترمهم». ويستعرض أدوار كل من الرئيس عبد ربه منصور هادي وشرعيته، إلى الحوثيين الذين «تبين مع مرور الوقت أنهم لا يمتلكون أي مشروع سياسي أو اقتصادي للبلد باستثناء تحويل اليمن لمستعمرة إيرانية». ويخلص الكاتب بأن المخلوع صالح لعب دورا أساسيا في بروز «العامل الحوثي» في الشمال اليمني، الذي سارع نظام إيران إلى استيعابه. ما جعل ميليشياته مرتبطة بنظام الملالي أكثر بكثير من ارتباطهم بوطنهم اليمن.