في ظل الأوضاع الملتهبة وقرع طبول الحرب من حولنا، وما نشاهده من عبث طائفي وتدخلات إيرانية في شؤون المنطقة، التي أغرقتها بالصراعات الدموية، وحولتها لمنطقة مضطربة تتحكم فيها الميليشيات الصفوية، يقابلها تواطؤ دولي وعدم جدية في ايجاد حلول لمشاكل المنطقة، وايضا عجز المنظمة الدولية التي أُوكل لها حفظ السلم الدولي وأمن الشعوب، هذه الاسباب مجتمعة جعلتنا نعيش فترة زمنية حرجة، نبحث عن حلول أزماتنا ومشاكلنا من اعدائنا، حتى وصلنا لمرحلة نكون او لا نكون، وبما أن المملكة رائدة العالم العربي والاسلامي، ومؤهلة للقيادة السياسية والعسكرية، ما كان لها أن تبقى متفرجة مكتوفة الايدي، وهى ترى حجم الدمار والتآمر الكبير والمنظم على كل ما هو عربي، فكان قدرها الحتمي أن تناور سياسيا في اكثر من اتجاه، فنجحت في فرض طوق دبلوماسي وسياسي حول ايران، وقاتلت عسكريا وناورت على اكثر من جبهة، فما زالت عاصفة الحزم تقتلع وتدمر مواقع الحوثيين وكيانهم العسكري، قاطعةً الطريق على الأحلام والاطماع الصفوية، وفي الشمال هناك صوت دوي (رعد الشمال) المجلجل، الذى أرهب كل المتربصين بأمننا وأرعب المتآمرين على وحدتنا وكياننا!! المناورة بتعبير العسكريين يقصدون بها التدريبات والتمارين العسكرية، وهو أمر معتاد في البيئات العسكرية، فالمناورة تكاد تكون سنوية وهي أقرب ما تكون للحرب الحقيقية، الهدف منها الوقوف على مدى الجاهزية القتالية للقوات، لتبقى في حالة استعداد وتأهب قصوى لمواجهة أي طارئ، والمناورات العسكرية منها ما هو فردي يقتصر على أفرع القوات المسلحة للدولة، ومنها ما يكون مناورة عسكرية مشتركة بين عدد من الدول الحليفة، لغرض التكامل والتجانس بينها، والتدريب على استراتيجية وتكتيك عسكري معين، ومناورة (رعد الشمال) هي من النوع الاخير المشترك، نراه في تحالف قوات 20 دولة عربية واسلامية، تواجدت على ارض مدينة الملك خالد العسكرية بشمال المملكة، هذا التحالف بهذا الحجم العددي، والتسليح النوعي للقوات المشاركة، وايضاً مساحة منطقة المناورة سجل سابقة تاريخية، وأعتقد أن مناورة رعد الشمال ستقتحم موسوعة (جنيس) للأرقام القياسية، كأضخم المناورات والتمارين في العالم، والأكبر والأهم في تاريخ المملكة والمنطقة بشكل عام، هذا الزخم العسكري الهائل جعل انظار العالم تتجه باهتمام نحو حفر الباطن، وجعل الدول الإقليمية المهددة للسلام في المنطقة، تعيش حالة حرب تتوجس خيفة من هذا التحرك الجماعي الكثيف الجاد، الذي حبس انفاسها وابقاها في حالة قلق مستمر حتى انتهت المناورة، هكذا (رعد الشمال) صنع الهيبة المفقودة وزرعها في قلوب الخصوم، وأعاد الثقة والأمل للنفوس المهزومة التي تسلل لها الاحباط وملأها اليأس عقودا زمنية طويلة!! في زمن التكتلات والتحالفات الدولية، وفي عالم لا يحترم الا القوي، كان التحالف العربي والاسلامي ضرورة ملحة لحماية وحدته وامنه واستقراره، فعاصفة الحزم وبعدها مناورة درع الشمال ليست مجرد تجمع عسكري لدول متحالفة، فجميع المتفائلين يرون فيه بشائر نصر وتمكين، وبداية لتأسيس نواة مشروع اتحاد عربي اسلامي قوي، متكامل عسكريا واقتصاديا وسياسيا، لذلك لم يكن تاريخ الجمعة الماضية تاريخا عاديا عابرا، انما هو انفجار للقوة الكامنة داخل جسد الامة، فهذا الحجم الضخم من التواجد العسكري العربي والإسلامي، على بقعة واحدة ومن أجل هدف واحد، وتحت قيادة سعودية موحدة، سيبقى علامة فارقة في تاريخ العرب والمسلمين قاطبة، فضخامة التجمع العسكري العربي والاسلامي، يوازيها حجم هائل من مشاعر الرضا والفخر والاعتزاز، التي اجتاحت كيان الانسان العربي وأنعشت آماله من جديد وأشعرته بوجوده بين الامم، فشكرا للقادة وعلى رأسهم سلمان الحزم!!