غادر "مروان".. ابن الأربعة عشر ربيعاً، منزل عائلته، ذات صباح باكر، وبعد ثلاثة أشهر عاد جثة، الأسرة الفقيرة التي تقطن في إحدى قرى منطقة بين حشيش التابعة إداريا لمحافظة صنعاء، خسرت نجلها بعد ان استطاع أحد أقربائه التغرير به ووعده "أنهُ في حال التحاقه بالمليشيا الحوثية سيتم تجنيده واعطائه راتبا شهريا". ترك مروان -وهو طفل يتيم وأكبر اخوانه ويدرس في المرحلة الإعدادية- خلفه أما موجوعه وأشقاء لا يزالون في سن الطفولة بدون رعاية، كان الطفل النحيل، سند تلك الأسرة بعد وفاة والده قبل بضع سنوات. الطفل الذي كان يعمل بالأجر اليومي في مزارع القات، غرُر به وزج في الصفوف الأمامية لجبهات القتال التي تفتحها تلك المليشيا الانقلابية، ليكون وقودا لحربها، وعند البحث، هناك العشرات من القصص المشابهة لقصة مروان، يكون الفقر والجهل واستغلال حاجة البسطاء عاملا مشتركا لأغلبها. "الآلاف من أطفال تدفع بهم الحركة الحوثية الى القتال وتسحبهم من مقاعد الدراسة الى موقع القتال، تلك هي ايدلوجية قديمة للجماعات المسلحة"، يقول باحث في جامعة صنعاء، في حديث خاص لمراسل «اليوم» في اليمن: الجماعات المسلحة تقوم أساساً على الفكر وأيدلوجية فكرية وعقائدية من الصعب تطويع كبار السن، لذا تعمد إلى تجنيد الاطفال والمراهقين، في اليمن الحركة الحوثية تستخدم ذات الأسلوب لكن بزيادة وعود كاذبة بالتوظيف أو التجنيد. وتتزايد حالة السخط الشعبي من الممارسات القمعية للمليشيا الحوثية في أغلب المدن الواقعة في قبضتها، فرضها أساليب تجعل من هذا السخط يتحول إلى غضب عام، خاصة بعد تعمد تلك المليشيا الى تجنيد الاطفال والزج بهم الى جبهات القتال بعد التغرير بهم وبدون معرفه عائلاتهم. وتقدر مصادر حقوقية وجود نحو سبعة آلاف طفل دون سن الثامنة عشرة في صفوف المليشيا الحوثية، انخرطوا في صفوفها ويقاتلون في جبهات القتال، ويصل الامر الى اخذ اطفال بالقوة الى جبهات القتال، وهو أمر أكدته الكثير من المؤسسات المدنية اليمنية، وأشارت إلى أن المليشيا الحوثية بدأت تجبر الأسر على تجنيد بعض ابنائها بالقوة، وتنفذ اعتقالات واسعة في صفوف المعارضين. وقالت "شبكة صنعاء اليوم الإخبارية" إن المليشيا الحوثية اعتقلت، الجمعة، رجلا ستينيا من ابناء منطقة بين الحارث القريبة من صنعاء، على خلفيه رفض ابنائه المشاركة في القتال في محافظة تعز وفرارهم الى مكان مجهول، مما استدعى المليشيا الحوثية الى اعتقال والدهم لاجبارهم على المشاركة في القتال. الشبكة الاخبارية المناهضة للمليشيا الحوثية أكدت أن هناك عشرات الحالات في صنعاء، والكثير من المدن اليمنية، يتم اعتقال اقارب او رب الأسرة او الاطفال انفسهم في حال رفضهم للقتال. وتنشر المليشيا الحوثية بين الحين والآخر صوراً لاطفال لقوا مصرعهم وهم يقاتلون في صفوفها، وتفرض حالة تكتم عن عدد القتلى الحقيقي، وتعمد إلى نشر انتصارات وهمية لرفع الروح المعنوية لمقاتليها، في وقت يرى الكثير من المراقبين ان الحركة الحوثية بدأت تجر نفسها الى الانتحار وعدم قدرتها على إدارة الملفات الخدمية والاقتصادية للمدن الواقعة تحت سيطرتها، وتعالي الأصوات المناهضة لتواجدها رغم سلطتها القمعية وتعاملها الوحشي تجاه معارضيها. وكانت منظمة العفو الدولية اتهمت المليشيا الحوثية -بشكل صريح- بتجنيد الأطفال والزج بهم في القتال بدون مراعاة للسن أو مخاطر هذا التجنيد، "هي تدفع بهم إلى الموت لتحقيق مكاسب سياسية وتعاطف شعبي" يقول ناشر موقع عدن منيتور الاخباري انيس البارق، موضحاً أن الأسرى الحوثيين في مدن المحافظات الجنوبية كان جلهم من الأطفال. وتابع في حديث لمراسل اليوم: بعد تحرير عدن والمدن الجنوبية وتقهقر القوات الانقلابية استطاعت المقاومة الشعبية الجنوبية والجيش الوطني أسر العشرات من الأطفال كانوا يقاتلون مع الحوثي، تم الكذب عليهم والتغرير بهم. هي جريمة، تضاف الى قائمة طويلة من الجرائم الحوثية بحق المجتمع اليمني، وربما قصة مروان تتشابه مع مئات من القصص لأطفال وجدوا انفسهم وسط ميدان القتال، أغروا بالمال ووعود لن تتحقق، واستطاع الحوثي أن يحولهم إلى قتلة أو قتلى!.