تمضي بي الساعةُ يا وطني تركضُ تركضُ بالأبيضِ فوقَ خدود أبي ويجفُّ الوردُ الأحمرُ فوقَ التلَّةِ ملقىً ويغورُ الماءُ بقعرِ البئرِ وتمحَى آثارُ الطيرِ علَى النبعِ الصافي وتشيخُ الطرقاتُ وروضةُ أطفالِ الحيّ ولكنّ الحبَّ هوَ الحبُّ.. لا يهرمُ لا يغزوهُ الشيبُ
يا أنتَ المزروعُ ببيدرِ عمري سنبلةً لا تعبقُ إلا بأريجِ المجدِ الزاكي في أفقكَ أطلقتُ عصافيرَ الوجدِ.. كتبتُ رسائلَ حبّي الولهى وفتحتُ علَى طلعةِ صُبحِكَ شُبّاكي يا أنتَ المنصوبُ على رابيةِ التاريخِ كرايةِ عزٍّ تحضنُ خاصرةَ الشمسِ وتعلُو لا تعرفُ ليلاً إلاّ حينَ يرقُّ الليلُ يا أنتَ الموشومُ بومضِ الألقِ الذهبيِّ على ذاكرةِ الأيّامِ غراماً لا تطمسُهُ الريحُ و لا يتغيرُ أو يتبدل
يا وهَجَ السعفِ الأخضرِ لاحَ علَى جفنِ الدنيا لا ترفعُه الأشعارُ شِعاراً بل تكتبُهُ المسحاةُ ويقرؤهُ المنجلْ ويقفّيهِ الماءُ قصيدةَ نخلٍ لا تثمرُ ذلّةْ وزنَتْه العزّةُ فوقَ سواعدِ أجدادي .. وزنتْهُ تفاعيلَ على بحرِ وفاءٍ دونَ زحافٍ أو علّةْ يا أنتَ الصامدُ في وجهِ الريحِ وتأبَى التقطيعَ علَى غيرِ عَروضِ الفخرِ سيُهزَمُ كلّ مخطّطِ ذئبٍ حاوَلَ يوماً يسلبُ منَّا طَرَفاً طَرَفاً نحو العزلَةْ