وزاد عليها البعض (ومت شهيداً)، لتصبح الجملة بأكملها (البس جديداً، وعش سعيداً، ومت شهيداً).! لبس الجديد دليلا على استمرار النعمة وعلى شعور الإنسان بقيمته كإنسان يحق له أن يلبس الجديد ويفرح به، لم يقولوا البس الغالي بل، أشاروا بالجديد، وهنا يمكن أن يكون الجديد ثوباً ذا سعر مناسب أو حذاء - أعزكم الله - أو حتى شماغاً أو ربطة عنق، المهم أن لا يدخل العيد إلا وأنت تستقبله بما لم تلبسه من قبل، وهذا دليلٌ مادي على استعدادك وفرحتك بقدوم هذا الضيف الذي لا يُثقل عليك بكثرة زياراته، فهو يكتفي بطلتين في العام الواحد، أما قولهم "عش سعيداً" فلأنه أحد آثار اللبس الجديد، فما زلتُ أؤمن بأن مراسيم الشراء لها رونقها الجميل، فهي تُدخل البهجة والسرور في النفس، فعندما كنا صغاراً كانت ليلة العيد طويلة جداً كأنها دهر لا يريد أن ينقضي، أما الشمس فقد كانت تُعاندنا، نراها تحبو حبواً نحو مشرقها ونحن نُريدها أن تأتي بأسرع من لمح البصر، فثياب العيد أخذت مكانها في إحدى زوايا البيت تنتظر الشروق. من لن يشعر بالسعادة في يوم العيد فلا يُكلف نفسه جهد التسوق، فأجمل ما في العيد لبس الجديد ولو كان رخيصاً، فالجديد يُضفي على وجهك جمالاً وإشراقةً تشعر معها بأنك تختال ملكاً وتظهر عليك مشاعر لا تستطيع إخفاءها، ثمة مشاعر يعجز الزمن عن تسكينها. يقولون في العيد كلَّ شيء يغدو جميلاً، الشارع المزدحم جميل، الناس كلهم - بلا استثناء – تقابلهم بابتسامة، الأشجار بهية، كلُّ شيء له حسنه وجماله، ويتربع فوق كل هذا الاهتمام اثنان مختلفان ومتشابهان في آنٍ واحد، إنهما "صغارنا وكبارنا"، كلاهما يرى العيد بغير ما يراه الآباء والأبناء، فالصغير يراه فرحةً ودرهماً، والكبير يراه نعمةً من المولى في أنه ما يزال يمر عليه "يومُ عيد" وأحبابه من حوله. لا تبخلوا على أنفسكم بالسعادة، وإن لم تكن فأوجدوها بأبسط الأساليب والوسائل. في يوم العيد اذكروا أحبابكم فهم ينتظرونكم، وانشروا رائحة "العود" في أرجاء بيوتكم، فالرائحة العطرة تُشعركم بأن يومكم هذا ليس كأمسكم، إن لذة العيد إن لم تعقبها السعادة فهي قمةُ البؤس واليأس، وانظر إلى سعادة العيد بمنظورك أنت لا بعين أشخاص آخرين، فلكلٍّ فلسفته وثقافته وقناعاته، وإذا فقدت السعادة فتظاهر بوجودها، وأظهر لمن حولك كما لو كنت سعيداً، ولا يُشترط أن تبحث عن الغالي والنفيس، فالمرح هو نوعٌ من السعادة يمنحك هدوءاً في الأعصاب حتى في أحرج الأوقات. كثيراً ما نجد أنفسنا نبحث عما يُسعدنا بالتطلع إلى أشياء بعيدة المنال، ونكون هنا كمن يبحث عن قبعته وهي فوق رأسه، وعن نظارته وهي فوق أنفه. أقول لكل أحبتي:- عيداً سعيداً، تقبل الله طاعتنا جميعاً، وكل عام أنتم بخير. لا تنسوا "خذوا السعادة معكم أينما ذهبتم"، ولا تبحثوا عنها بعيداً عن أنفسكم الجميلة. "ومن العايدين ومن الفايزين ومن السعداء أيضاً".