بدأت تظهر ملامح انقلاب أوروبي على اللاجئين السوريين، وشهدت بعض دولها تظاهرات في اليومين الماضيين، رفعت شعارات تدعوهم للعودة إلى بلادهم، حتى إن حزباً اقترح توطينهم في القطب الشمالي، بعيداً عن مدن وبلدات الاتحاد الأوروبي، وتراجع حماس "القارة العجوز" لاستقبالهم، وكانت ألمانيا أول دولة تتراجع عن حماسها بفرض رقابة على حدودها لاحتواء تدفقهم إليها، معلنة أنها لم تعد قادرة على استيعابهم، وقرر عدد من الدول الاوروبية تعليق حرية التنقل بين دول الاتحاد وسارع رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، المؤيد لاعتماد نهج متشدد في الأزمة، للترحيب بالقرار الألماني، وشهدت بعض مدن أوروبا الشرقية تظاهرات تطالب بصد اللاجئين ومنعهم من الدخول، وأعلن المستشار النمساوي فيرنر فايمان، أمس، إن بلاده ستستدعي الجيش فورا لمساندة الشرطة في مواجهة تدفق المهاجرين الذين يصلون بمعظمهم عبر المجر، واتفقت ألمانيا وفرنسا على رؤية موحدة بشأن تقاسم دول أوروبا أعباء أزمة اللاجئين، في وقت حذرت مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين من تضارب أوروبي قد يضع اللاجئين في "مأزق قانوني". القوة ضد المهربين وقرر الاتحاد الأوروبي، أمس، استخدام القوة العسكرية ضد مهربي المهاجرين في إطار عمليته البحرية في البحر المتوسط، ويجيز هذا الإجراء الذي يفترض أن يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من مطلع أكتوبر، للسفن الحربية الأوروبية اعتراض وتفتيش ومصادرة المراكب التي يشتبه بأن المهربين يستخدمونها، كما يمكنها القيام بعمليات اعتقال شرط ألا تدخل المياه الإقليمية الليبية. وقالت الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع وزاري، صباح أمس الاثنين، إن "الظروف توافرت" للانتقال بالعملية "ناف فور ميد" التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في نهاية يونيو إلى المرحلة الثانية في عرض البحر. وكانت هذه العملية التي تنفذها أربع سفن ونحو ألف رجل، تقتصر على العمل انطلاقا من المياه الدولية لمراقبة الشبكات الإجرامية الدولية التي ترسل مراكب بالية محملة بالمهاجرين إلى إيطاليا انطلاقا من السواحل الليبية. وقد شاركت في عدد من عمليات الاغاثة وساهمت في إنقاذ 1500 شخص. ولتعزيز هذه العملية، يحتاج الأمر إلى سبع فرقاطات إضافية يزود بعضها بمعدات طبية، إلى جانب مروحيات وغواصات وطائرات بدون طيار. وستعتمد العملية الأوروبية خصوصا على قوات خاصة هي الوحدات المسلحة البحرية، لاعتراض سفن المهربين في تكتيك يتبع باستمرار في العمليات ضد مهربي المخدرات. توسيع قنوات الهجرة من جهته، حث مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين أوروبا، أمس الإثنين، على الاستفادة من موجة التعاطف مع اللاجئين ووضع سياسات شاملة لتوسيع قنوات الهجرة. ودعا بن رعد في الخطاب الذي ألقاه في افتتاح اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف إلى وقف الاحتجاز و"إساءة معاملة" طالبي حق اللجوء خاصة الأطفال الذين يفرون من الحرب والاضطهاد في دول منها سوريا. وقال الأمير زيد للمنتدى الذي يضم 47 دولة في جنيف "نريد توسيع قنوات الهجرة والاستيطان بشكل منتظم وهما إجراءان سيحولان دون حدوث وفيات وسيمنعان التهريب." وأضاف، إنه على الدول الأوروبية "أن تبني على هذا المد في التعاطف الإنساني" الذي أحدثته صورة الطفل الكردي السوري ايلان كردي الذي غرق وجرفته المياه إلى شاطئ تركي منذ عشرة أيام حين كانت أسرته تحاول الوصول إلى اليونان. ألمانيا تراقب وأعادت ألمانيا فرض رقابة على حدودها من أجل "احتواء" تدفق عشرات آلاف المهاجرين معلنة أنها لم تعد قادرة على استيعاب المزيد منهم، ومعلقة مؤقتا حرية التنقل في فضاء شنغن. وقال وزير الداخلية الألمانية توماس دو ميزيير في برلين "ان "المانيا تفرض مؤقتا رقابة على حدودها، وخصوصا مع النمسا". وإعلان برلين يعتبر تشددا واضحا في موقف ألمانيا التي قررت في نهاية أغسطس تعليق العمل باتفاقية دبلن، وطلبت عدم إعادة السوريين الفارين من الحرب والذين دخلوا أراضيها بشكل غير مشروع إلى الدول التي دخلوا منها أراضي الاتحاد الأوروبي. وأوضح الوزير الألماني أن ألمانيا لم يعد بإمكانها قبول أن يتمكن اللاجئون الذين يتدفقون إلى أوروبا من "اختيار" البلد لاستضافتهم. وقال: إن على طالبي اللجوء أن يدركوا "أنه ليس بإمكانهم اختيار الدول التي يطلبون حمايتها". وقال المتحدث باسم خدمة القطارات الألمانية في برلين: إن القطارات بدأت في العمل الساعة السابعة صباحا، باستثناء الخدمة بين مدينة زالتسبورج النمساوية وميونيخ بجنوب ألمانيا. كاميرون في بيروت وفي السياق، زار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، صباح أمس، مخيما للاجئين السوريين في شرق لبنان، بعد وصوله إلى بيروت في زيارة غير معلنة مسبقا لبحث أزمة اللاجئين السوريين، تزامنا مع تعيينه مسؤولا في الحكومة لمتابعة مسالة اللاجئين. وأفاد مراسل لوكالة فرانس برس، أن كاميرون "زار صباحا مخيما للاجئين السوريين في بلدة تربل البقاعية" في شرق لبنان، حيث اطلع على ظروف معيشتهم بعد وصوله على متن مروحية عسكرية إلى مطار رياق العسكري المجاور. ووصل كاميرون صباحا إلى بيروت "لبحث أزمة اللاجئين السوريين وعرض المساعدات الإنسانية التي تقدمها بلاده في هذا المجال"، وفق مصدر حكومي لبناني. كما التقى رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام. وقال كاميرون في تصريحات لشبكة سكاي نيوز التلفزيونية من مخيم اللاجئين: "أردت المجيء إلى هنا لأرى بعيني وأسمع بنفسي قصص اللاجئين، وما الذي يحتاجون إليه". وكتب في تغريدة على موقع تويتر: "أنا في مخيم للاجئين في لبنان، وأستمع إلى بعض القصص المؤلمة". وتعهد كاميرون بالاستمرار في مساعدة اللاجئين السوريين، وقال: "سنواصل القيام بذلك بما فيه زيادة المبالغ التي نقدمها من أجل تعليم الأطفال السوريين هنا في لبنان وفي أماكن أخرى. أعتقد أن هذا أمر جوهري". مخاوف امريكية امريكيا, اعرب نائب جمهوري عن تخوفه من ان يؤدي استقبال الولاياتالمتحدة لعشرة الاف لاجئ سوري الى زيادة مخاطر دخول متشددين الى البلاد، مبديا تحفظا شديدا ازاء هذه الخطة. وحذر مايك ماكول رئيس لجنة الامن الداخلي من امكان تسلل متشددين من داعش بين اللاجئين الفارين من النزاع في سوريا. وصرح ماكول في مقابلة مع برنامج "ذيس ويك" على شبكة "ايه بي سي" التلفزيونية "من وجهة نظر الامن القومي انا اخذ كلام تنظيم داعش حرفيا عندما قالوا "سنستخدم ونستغل ازمة اللاجئين للتسلل الى الغرب" وهذا امر مثير للقلق بالنسبة لي". وكان البيت الابيض اعلن الخميس، انه يريد زيادة عدد اللاجئين السوريين الذين تستقبلهم الولاياتالمتحدة العام المقبل. وحذر عدد من المسؤولين الاميركيين من امكانية تسلل عناصر من التنظيم الجهادي المتطرف ضمن هؤلاء اللاجئين. الا ان الجنرال المتقاعد جون آلن قال في البرنامج نفسه، الأحد، إنه يثق بإجراءات التحقق من اللاجئين قبل حصولهم على الضوء الأخضر للقدوم إلى الولاياتالمتحدة. وقال آلن: "علينا ان نكون واعين لإمكان أن يحاول تنظيم داعش إرسال عملاء له ضمن تلك المجموعة" من اللاجئين. وأضاف: "لكنني على ثقة تامة في العمل الذي أنجزته والذي تقوم به" وكالات الأمن الأميركية. إلا أنه مضى يقول "أعتقد أنه تهديد ... من الواضح أنه أمر علينا التوقف عنه". تدفق على المجر إلى ذلك، أظهرت بيانات الشرطة المجرية، أمس الإثنين، أن البلاد سجلت أكثر من 10 آلاف مهاجر بعدما عبروا من صربيا خلال مطلع الأسبوع الجاري، قبل يوم من قرار البلاد إغلاق حدودها أمام الوافدين الجدد. وكان قد تم الأحد، تسجيل 5809 أشخاص، أغلبهم من اللاجئين السوريين. وهو عدد مرتفع جديد بالنسبة ليوم واحد، حيث حطم بذلك العدد السابق وهو 4330 شخصا . وكان آلاف الأشخاص تدفقوا تجاه شمال صربيا، آملين الوصول إلى المجر ومن ثم إلى غرب أوروبا، قبل أن يتم تطبيق الاجراءات الجديدة التي من المقرر أن تغلق الحدود بصورة فعلية أمام المهاجرين. وابتداء من، اليوم الثلاثاء، سيرفع قانون مجري جديد اجتياز الحدود من جنحة إلى عمل إجرامي يعاقب مرتكبه بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.