دعت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة دول أوروبا إلى «تعبئة كل قوتها» للتعامل مع أزمة الهجرة وتقاسُم استقبال نحو 200 ألف شخص، في وقتٍ أفيد بغرق 30 أو 40 مهاجراً قبالة سواحل ليبيا بعد فروغ الهواء من قاربهم المطاطي. وفيما أبدت بريطانيا استعدادها لاستقبال آلاف من السوريين؛ حذرت المجر من تحوُّل الأوروبيين إلى أقلية في قارتهم. واعتبر رئيس المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين، أنطونيو جوتيريس، أن الاتحاد الأوروبي يواجه «لحظة فارقة»، مؤكداً أن «انقسام هذا التكتل لن يصبّ سوى في مصلحة المهرِّبين وتجار البشر». وتناقضت دعوة جوتيريس دول الاتحاد إلى بذل مزيد من الجهود لمساعدة المهاجرين مع الموقف الصارم لرئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الذي حذر من عواقب تدفقٍ هائلٍ لطالبي اللجوء بأعدادٍ قد تصل إلى عشرات الملايين. ويُقدِم مئات الآلاف من السوريين والأفغان والأفارقة على رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر عبر البحر والبر في طريقهم إلى دول شمال أوروبا الثرية أملاً في بدء حياة جديدة. لكن رحلة كثير من هؤلاء تتعطل لأسباب خارجة عن إرادتهم. ورأى جوتيريس أن على دول أوروبا بذل جهودٍ أكبر لمساعدة مزيد من اللاجئين على الدخول إليها بشكل قانوني وتوفير نحو 200 ألف مكان لنقلهم إليه مع دعم الدول التي تواجه ضغوطاً بسبب تدفق طالبي اللجوء مثل اليونان والمجر وإيطاليا. وقال في بيانٍ له أمس «هذه لحظة فارقة بالنسبة للاتحاد الأوروبي ولا خيار أمامه إلا تعبئة كل إمكاناته لمواجهة الأزمة، والطريق الوحيد لحل هذه المشكلة هو أن يطبق الاتحاد وكل الدول الأعضاء استراتيجية مشتركة قائمة على المسؤولية والتضامن والثقة». وغامر أكثر من 300 ألف شخص بأرواحهم هذا العام في محاولة عبور البحر المتوسط، ولَقِيَ أكثر من 2600 شخص حتفهم خلال تلك الرحلة. ولاحظ جوتيريس أن صورة الطفل السوري الغريق الذي قذفته الأمواج إلى شاطئ تركي حرَّكت قلوب الناس في شتى أنحاء العالم «لكن أوروبا أخفقت حتى الآن في التوصل إلى طريقة مشتركة للتعامل مع الأزمة». ودُفِنَ الطفل السوري، وهو كردي يُدعَى آلان (3 أعوام)، في مدينة كوباني الواقعة في شمال سوريا أمس إلى جانب شقيقه غالب (5 أعوام) ووالدتهما ريحانة (35 عاماً). وغرق الثلاثة بعد انقلاب مركب حاول نقلهم مع آخرين من شاطئ بودَروم التركي إلى جزيرة كوس اليونانية. ودعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الدول المتقدمة ولاسيما في أوروبا إلى «التعامل بحساسية أكبر مع المآسي الإنسانية». وأوقفت السلطات في بلاده 57 شخصاً كانوا يحاولون العبور إلى جزيرة كوس مساء أمس الأول، في مؤشرٍ على أن وفاة آلان وغالب ووالدتهما لم تردع آخرين يريدون أن يسلكوا المسار ذاته. ولم يلق نداء أردوغان صدى يُذكَر لدى رئيس الوزراء المجري الذي دافع عن موقف حكومته المتشدد من الأزمة. وحذر فيكتور أوربان من أن «أوروبا مهددة بتدفق بشري هائل»، وقال «يمكن أن يأتي عشرات الملايين من الناس إلى القارة، إننا الآن نتحدث عن مئات الآلاف لكننا سنتحدث العام المقبل عن الملايين ولا نهاية لهذا». وأبلغ الإذاعة الرسمية في بلاده بقوله «سنجد أنفسنا فجأة أقلية في قارتنا». ووجهت حكومة أوربان انتقادات لألمانيا المقصد الأكثر شعبية بين المهاجرين بعدما قالت برلين إنها ستقبل طلبات الهجرة من السوريين بغض النظر عن أين دخلوا الاتحاد الأوروبي. ومع تزايد الضغوط؛ تعهد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بأن تقبل بلاده آلافاً آخرين من اللاجئين السوريين. وحتى الآن؛ لم تستقبل بريطانيا سوى أعداد ضئيلة من السوريين الأمر الذي أثار انتقادات في الداخل والخارج. وتوقعت المفوضية الأممية السامية للاجئين أن يُحسِّن قرار كاميرون أوضاع 4 آلاف سوري. بدورها؛ تعهدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بعدم التسامح مع كراهية الأجانب، لكن استطلاعاً داخلياً للرأي أجراه تليفزيون (إيه.آر.دي) أظهر تراجعاً مفاجئاً في شعبية المستشارة بسبب تعاملها مع أزمة اللاجئين. ودخل 104 آلاف و460 من طالبي اللجوء إلى ألمانيا في أغسطس الفائت وهو رقم قياسي. وتتوقع برلين أن يتقدم 800 ألف شخص في المجمل بطلبات لجوء هذا العام، وهو ما يزيد عن مستويات العام الماضي بواقع أربعة أمثال. وقُتِلَ لاجئ سوري (35 عاماً) عندما صدمه قطارٌ فجر أمس في شمال شرق اليونان بالقرب من الحدود البرية مع تركيا. ولم توضح الشرطة اليونانية ملابسات الحادث الذي قُتِلَ فيه اللاجئ على خط السكك الحديدية بين أورستيادا وألكسندروبوليس. وغالبا ما يقصد المهاجرون واللاجئون هذا الخط سيراً على أقدامهم من تركيا براً في طريقهم إلى أوروبا الغربية. وتراجع عدد من وصلوا عبر الحدود البرية اليونانية التركية بشكلٍ كبير بعد تعزيز المراقبة ومد أسلاك شائكة بطول حوالي 10 كيلومترات. لكن منظمات غير حكومية تحدثت عن نحو 200 شخص لا يزالون يعبرون الحدود كل أسبوع. وكانت هذه الحدود نقطة الدخول الرئيسة للاجئين إلى الاتحاد الأوروبي في عامي 2011 و2012. إلا أن إقامة السياج بين اليونان وتركيا دفع غالبية المهاجرين إلى عبور بحر إيجة الفاصل بين البلدين بواسطة القوارب. في غضون ذلك؛ أفادت المنظمة الدولية للهجرة بغرق ما بين 30 و40 مهاجراً في البحر المتوسط بعدما فَرَغ الهواء من قارب مطاطي كان يحمل ما بين 120 و140 صومالياً وسودانياً ونيجيرياً. وذكر المتحدث باسم المنظمة، فلافيو دي جياكومو، أمس أن المهاجرين انطلقوا من مصراتة في ليبيا «لكن بعد ست أو سبع ساعات؛ بدأ الهواء يفرغ من القارب المطاطي وسقط بعض الناس في المياه». ووفقاً للمتحدث؛ فإن نحو 91 نجوا.