تحظى زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للولايات المتحدةالأمريكية، باهتمام كبير لدى كل الأوساط في المنطقة العربية، وقال دبلوماسيون وسفراء وساسة ومستشارون بالجامعة العربية إن زيارة الملك سلمان بصفته أحد حكماء العرب إنما تأتي في ظروف بالغة الصعوبة، حيث تشتعل الحرائق بالمنطقة العربية جراء أفعال الجماعات الإرهابية ومن على شاكلتها.. وأعربوا عن أملهم في أن تسهم هذه الزيارة في تحديد البوصلة الأمريكية ورؤيتها تجاه كل الأحداث في سوريا واليمن والعراق وليبيا بالإضافة للقضية الفلسطينية التي تعد أم القضايا العربية. وقف نزيف الدم في البداية، يقول السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية: إن هذه الزيارة مهمة وتأتي في وقت مهم، ولعل الأحداث في المنطقة العربية أحداث خطيرة ومهمة، وأحداث تحتاج إلى علاج واضح وصريح بتعاون كامل بين الجانبين العربي والأمريكي ونحن مهتمون بإنهاء هذه الملفات العالقة والحفاظ على وحدة الدول العربية واستقرارها. وأضاف صبيح أن العرب وخاصة المملكة قدموا كل ما هو إيجابي لاستقرار العالم سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وفي هذه الزيارة أمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ملفات كثيرة تحتاج إلى دراسة عميقة، وخير من يعرف هذه الملفات هي المملكة التي تعرضها أمام رئيس أكبر دولة في العالم من منطلق وقف نزيف الدم في المنطقة العربية. وأشار صبيح إلى أن الملك سلمان رجل حكيم ورجل حازم ولديه معرفة بكل قضايا الأمة العربية وقد ظهر حزمه في أمور كثيرة ومنها العمل العسكري لاستقرار اليمن وهو الذي سيطرح قضايانا في سوريا واليمن وليبيا والعراق على أكبر قيادات بالجانب الأمريكي. وأكد صبيح أن الملف الفلسطيني سيحظى باهتمام كبير من خادم الحرمين الشريفين لحل هذه القضية حلا عادلا سلميا، خاصة وأن المملكة بادرت في السابق بحل الدولتين.. وهنا أؤكد أن على أمريكا دورا كبيرا لتحقيق التوازن في كل هذه القضايا وعدم الكيل بمكيالين حتى نستطيع أن نضع أيدينا في أيديها. تحديد بوصلة العلاقات من جانبه، قال السفير محمد العرابي وزير خارجية مصر السابق: إن زيارة خادم الحرمين الشريفين للولايات المتحدة ضرورية، خاصة بعد تخبط السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية، لذلك فمن المهم أن يقوم زعيم عربي ورجل حكيم مثل الملك سلمان بتحديد بوصلة العلاقات العربية - الأمريكية وتحديد استراتيجية واضحة نحو تحركها في مختلف القضايا بالمنطقة. ووصف لقاء خادم الحرمين بالرئيس أوباما بأنه "مهم جدا وسيكون له تأثير على المنطقة والاستراتيجية الامريكية في المنطقة ككل".. وإحداث حالة من التوازن وإعادة تقييم العلاقات مع الولاياتالمتحدة. وأوضح، أن المملكة ستحاول الضغط على الولاياتالمتحدة لتغيير سياستها، قائلاً: إن امريكا لم تنجح حتى الآن في المنطقة وسياستها "ركيكة ومرتبكة"، لافتاً إلى ان المواقف الامريكية والسعودية متقاربة في الوضع السوري ولديهم رغبة في الخلاص من نظام بشار. زيارة الملفات الملتهبة وأكد السفير فوزي الغويل المستشار بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن زيارة الملك سلمان تأتي في توقيت بالغ الصعوبة بالمنطقة العربية، حيث سيقوم خادم الحرمين بعرض ومناقشة كل الملفات الملتهبة التي فشلنا في حلها في عالمنا العربي ومنها قضايا سوريا واليمن والعراق وليبيا إضافة لملف فلسطين. وأضاف الغويل: نأمل أن تجد كل هذ القضايا تجاوبا من الجانب الأمريكي وأن يكون هناك حل سلمي للأزمة في سوريا وأن ينفذ قرار الأممالمتحدة في اليمن وأن يُسمح للجيش الليبي بالتسليح لمواجهة الأخطار المحدقة بالدولة بالإضافة للتسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية. محاربة شبح الإهاب من جانبه، قال الدكتور عبدالله العتامنة مستشار رئيس مجلس النواب الليبي (الحاكم للبلاد حاليا) إن المملكة تلعب دورا محوريا في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وقد اتضح ذلك في مساندتها للسلطات الشرعية في اليمن وتدخلها العسكري الذي قلب موازين المعركة لصالح السلطات الشرعية في اليمن وبالتالي فإن المجتمع الدولي يعلم تماما أن السعودية مازالت تلعب الدور الأهم في المنطقة. وأضاف أنه يعول كثيرا على زيارة الملك سلمان للولايات المتحدةالأمريكية وفتح كل الملفات المسكوت عنها في سوريا واليمن وليبيا والعراق ومحاربة شبح الإرهاب الذي أصبح يطل برأسه في كل أقطارنا العربية. وأشار العتامنة إلى أن السعودية والإمارات ومصر والأردن وليبيا هم من دعموا اللبنة الأولى لتكوين القوة العربية المشتركة؛ لحماية الأمة والمنطقة بأكملها من خطر الإرهاب. المشهد الإقليمي من ناحيته، قال السفير محمود الخميري سفير دولة تونسبالقاهرة: إن جميع الاشقاء العرب يعولون على هذه الزيارة الأولى للملك سلمان للولايات المتحدة بعد توليه المسئولية في المملكة والمحادثات التي سوف يجريها مع الرئيس أوباما فيما يخص بعض الملفات الحارقة في منطقتنا العربية، ومن بينها ملفات سوريا واليمن وليبيا والتحدي الأكبر الذي يواجهه العرب من إرهاب داعش والتنظيمات الأخرى التي اكتوينا بنارها. وأضاف الخميري أنه يتطلع أن تساهم هذه الزيارة في وضوح الرؤية بالنسبة للمشهد الإقليمي وأن تجد حلولا للمشاكل العربية وأن يكون هناك توافقا حول الحل السلمي للقضية السورية ودعم الشرعية وتطبيق قرارات الأممالمتحدة في اليمن وتوحيد الجهود العربية والدولية؛ لمواجهة الإرهاب، مؤكدا أن المملكة لها دور ريادي وبنّاء يستهدف تحقيق السلام لكل الشعوب العربية. آمال معلقة في نفس السياق، قال السفير محمد سعد العلمي سفير المملكة المغربية في مصر: إن زيارة الملك سلمان غاية في الأهمية اعتبارا للظروف التي تمر بها المنطقة العربية، وبالتالي فإننا نتطلع إلى النتائج التي تسفر عنها هذه الزيارة خاصة وأن الملك سلمان سيطرح خلالها كل القضايا التي تشغل اهتمامنا كعرب مثل قضية اليمن وسوريا والقضية الفلسطينية التي تظل باستمرار موضع اهتمام كل العرب والمسلمين. وأضاف العلمي أن كل الآمال معلقة لأن تلقى كل هذه القضايا التفهم من المحاور الأمريكي الذي نعرف مدى قوته وتأثيره على المستوى الدولي، وأملنا أن يتم التوافق والتجاوب مع تطلعات شعوبنا العربية في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار. دور إقليمي ودولي وقال السفير فتحي الشاذلي مساعد وزير الخارجية وسفير مصر الأسبق لدى المملكة: إن المملكة لها مكانة كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي تجعلها معنية بكل القضايا المهمة في منطقة الشرق الأوسط وفي المنطقة العربية، لذلك فإن زيارة الملك سلمان كحكيم للعرب إنما تحمل كثيرا من الملفات المهمة. وأضاف الشاذلي أن هذه الزيارة ستناقش حتما الأمن الإقليمي ومستقبل العلاقات مع إيران وضمان أمن الخليج بالإضافة لقضايا اليمن وسوريا وليبيا والعراق والسودان وملفات الإرهاب التي تفرض نفسها على المباحثات باعتبار أن المملكة جزء من التنظيم الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد داعش. الملفات المسكوت عنها من جانبه، قال الدكتور سعيد اللاوندي المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية بمؤسسة الأهرام المصرية: إن المنطقة العربية تمر بفترة حساسة للغاية، وأن المملكة ومصر كما ذكرت صحيفة اللوموند الفرنسية هما قاطرتا الأمة العربية، خاصة وأن الملك سلمان يتمتع بحكمة كبيرة. وأكد أن الملك سلمان سيحمل معه في الزيارة ملفات اليمن وسوريا والعراق وليبيا وهناك توافق كبير بشأن هذه القضايا بين المملكة وأغلب الدول العربية. وأوضح اللاوندي أن الملك سلمان سيفتح كل الملفات المسكوت عنها في زيارته لأمريكا من حيث بقاء الأسد من عدمه ومن حيث الملف الإيراني وأمن الخليج ورفض التدخل العسكري الخارجي في ليبيا. تشابك أدوار وفي السياق، قال رئيس وزراء مصر الأسبق، الدكتور على لطفي: إن العلاقات بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية هي اقتصادية وأمنية في المقام الأول، وأن الزيارة التي سيقوم بها العاهل السعودي تأتي في سياق تعميق العلاقات بين البلدين. وأوضح ل «اليوم»، أنه لا غرابة في هذه الزيارة لأن المملكة وأمريكا لديهما علاقات قوية الآن، ولا سيما في ظل تشابك الأدوار والمصالح الإقليمية والسياسية. زيارة المصالح من جهته، قال مساعد وزير الخارجية السابق، السفير أحمد القوسي: إن هذه الزيارة مرتبطة بقضايا مهمة وقضايا إقليمية، لأن الاقليم العربي في حالة اضطراب شديد، وهناك تشابك في المصالح والادوار. وأوضح، في تصريحات ل «اليوم»، أن الامر ربما متعلق بسوريا او باليمن او ربما مرتبط بالاتفاق النووي مع إيران، مؤكداً أن السعودية لديها اعتراض على نتائج هذا الاتفاق لان الموضوع يتعلق بأمن المملكة العربية السعودية، كما أن المملكة منخرطة بالفعل في العديد من الأمور السياسية. وتابع، ربما تساعد الولاياتالمتحدة، السعودية، في جبهات وتتحفظ في جبهات أخرى، فعلى سبيل المثال، الموقف من الأزمة السورية، روسياوالولاياتالمتحدة لديهما رؤية في اهمية حل الازمة السورية، مضيفاً: كل موضوع مهم سيتم طرحه في المفاوضات بين الرئيسين، وهناك علاقات امنية بين الولاياتالمتحدة والسعودية. مرحلة تشكك من جانبه، قال السفير جمال عبدالمتعال، مساعد وزير الخارجية السابق: إن العلاقات السعودية الامريكية تمر بمرحلة تشكك من الجانب السعودي وعدم إخلاص من الجانب الأمريكي، خاصة وأن الولاياتالمتحدة تحاول أن تبيع اتفاقها مع إيران، وهي لم تنجح في ذلك كما أنها لم تعد تملك الكثير لتقدمه، وتحاول إخافة الدول العربية بقوتها. خادم الحرمين في حديث مع الرئيس أوباما في زيارته للمملكة