يحفظ بعض العقاريين على تعميم وصف الفساد على القطاع العقاري بعد التحقيق الموسع الذي نشرته «اليوم» بعددها أمس، مشيرين إلى وجود العديد من الأسباب التي تجعل بيئة السوق غير واضحة المعالم ويؤدي بها إلى ارتفاعات في الأسعار وممارسات غير صحية وفق انعدام التشريعات المنظمة للسوق. تحفظ العقاري سليمان الرميخاني، على تعميم مصطلح الفساد على السوق العقاري فقال : «أحترم وجهات النظر المختلفة التي طرحت من خلال التحقيق الموسع الذي نشر، لكني أتحفظ على تخصيص الفساد وربطه بالمشتغلين بالعقار فقط رغم ان ارتفاع الأسعار ما يحدث من ممارسات في السوق مرتبط بعدة جهات وهي العقاريون والمواطنون والجهات الحكومية ذات العلاقة». وأضاف الرميخاني «العقاريون يحاولون رفع الأسعار والمواطنون يضاربون في القطع الصغيرة والجهات الحكومية تتسبب في تعثر بعض المساهمات وتتعامل ببطء شديد في تنفيذ مشاريع البنية التحتية للمخططات الجديدة». وتابع الرميخاني قائلا :»لو كان الفساد متعلقا بجهة واحدة لكان من السهل اجتثاثه وحله, لكن الأمر متعلق بجهات متداخلة مع بعضها البعض وهذا يجعل من الضروري إعادة النظر في تعميم إطلاق وصف الفساد وهي كلمة قاسية جدا وتحتمل معاني سيئة وتجانب الكثير من الحقائق فوضع السوق وبيئته غير المنظمة تفتح المجال للممارسات غير السوية، لكن الأمر لا يصل لمرحلة الفساد بمعناه الواسع». ورفض العقاري الدكتور عبد الله المغلوث إطلاق وصف افساد بشكل عام على الواقع العقاري، فقال : «لا أعتقد أن هناك فسادا بمعناه المقنن المخطط له الذي يفسد القطاع ويجعله بيئة غير صحية للعمل وهو قطاع حيوي ومهم جدا ويتعلق بحياة المواطن». وأضاف المغلوث «ما يحدث في السوق العقاري هو تخبط في توجهات بعض الراغبين في دخول مجال العقار فمن بينهم السمسار والمضارب والمطور العقاري ومنهم أيضا الملاك والعقاري الإستراتيجي, ولا يمكن ان تجتمع هذه الاوصاف في شخص واحد, لذا يجب ان يكون هناك تخصص وفصل للحفاظ على شفافية السوق»، مشيرا إلى ان دخول مجال العمل في القطاع العقاري أصبح سهلا للغاية، بل أصبح العقار عمل من لا عمل له, وأعاد الأمر إلى عدم وجود ضوابط تحدد عمل السوق فقال : «غياب التشريعات والتنظيمات والإجراءات الخاصة بتنظيم العقار وعدم وجود مرجعية مثل هيئة أو عقارية أو جمعية أسوة بالدول المجاورة لتكون هناك مرجعية تنظيمية وتشريعية تحاسب المخالف»، لهذا أصبحت هناك تجاوزات في مفهوم منظومة العقار وأصبح تداول الأراضي بازدواجية الصكوك وطرح المساهمات غير المرخصة وبيع أسهم المساهمات دون أوراق رسمية مسجل عليها اسم الوزارة والتسلسل, وأصبح هناك سوق لتلك المقاولات والمساهمات ما أضاع حقوق الآخرين. وأضاف المغلوث «العقاريون قد يلتفون على بعض الأنظمة القليلة التي تحكم تعامل السوق لتحقيق مكاسب مالية برفع الأسعار مثل وضع أسعار بصكوك أكبر من قيمتها الحقيقية العادلة لتنتقل إلى مستثمر جيد يكون ضحية مثل هذه الممارسات». من ناحيته قال نائب رئيس اللجنة العقارية محمد الدوسري : «لست محاميا عن الفساد وكلنا نحارب ظواهره, لكن لو كنا منطقيين لعرفنا ان الارتفاع الحاصل بسوقنا العقاري لم يتجاوز الارتفاعات في دول الخليج المجاورة، لكن ضعف دخل الفرد هو المشكلة». وتابع الدوسري : «خلال العشرين سنة الماضية لم تكن هناك نسبة زيادة في دخل الفرد وهذا يجعل الكفة غير متزنة وبقياس الآثار السلبية سنجد من ضمنها الصعوبة في الحصول على سكن مناسب لعدم القدرة على امتلاقها». وانتقد بعض من يصفون أنفسهم بالخبراء وهم بعيدون كل البعد عن واقع العقار الحقيقي، فقال : «يجب على المنظرين في السوق العقاري الذين لا يملكون مؤهلا أو خبرة من خلال التعامل المباشر مع السوق وتطوراته عند الخوض في تفاصيله وإطلاق الأحكام بالتنظير والتفسير وإيطلاق الأوصاف جزافا». وتابع الدوسري قائلا :»يجب رفع الظلم عن بعض العقاريين ومعالجة أوضاع أراضيهم, وكذلك عدم الإفراغ بدون إبداء أسباب واضحة وهذا كله يجعل السوق في وضع محتقن». وطالب بضرورة عقد ورشة عمل موسعة تجمع العقاريين مع الجهات ذات العلاقة التي تحتجز مساحات كبيرة من الأراضي وحل قضية المحجوزات. وأضاف «الحل لن يكون إلى بتفعيل الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص والجهات ذات العلاقة لدراسة الوضع وتقديم الحلول المنطقية التي تحفظ حقوق الجميع». من ناحيته قال العقاري محمد آل مسبل : «لا يوجد فساد عقاري، لكن كثرة الطلب وتجاوزه العرض كان السبب الرئيس في زيادة الأسعار وهذا يتطلب تسهيل كل العقبات التمويلية وتوفير أراض مجهزة بكافة الخدمات من بنية تحتية غيرها». وأضاف «احتجاز شركة أرامكو السعودية مساحات شاسعة من الأراض تسبب في صعوبة إيجاد أراض قريبة من المدن ما يضغط على السوق ويرفع معدلات الأسعار».