أصدرت شركة بي بي البريطانية قبل ايام تقريرها الاحصائي السنوي الشهير الرابع والستين عن الطاقة في العالم لسنة 2014م، ومن اهم ما جاء فيه استمرار النفط بالاستحواذ على الصدارة لترتيب مصادر الطاقة في العالم، ولقد بلغت نسبة النفط في مزيج الطاقة العالمي اكثر من 32،5% والفحم حوالي 30% والغاز الطبيعي حوالي 24%، وفي نفس المقام توقعت شركة اكسون في تقريرها الاخير عن مستقبل الطاقة بقاء النفط كمصدر اول للطاقة في العالم وحتى 2040م، حيث سيستحوذ النفط حوالي 32% من مصادر الطاقة في العالم والغاز الطبيعي حوالي 26% والفحم الحجري حوالي 19%، وهذا يدل على ان الغاز الطبيعي المصدر النظيف للطاقة سيأخذ نسبة كبيرة من حصة الفحم الحجري في مزيج الطاقة العالمي وسيحل محله كثاني مصدر لتوليد الطاقة بالعالم في عام 2040م. ولقد ارتفع معدل الاستهلاك العالمي للطاقة في العام الماضي بحوالي 1% عن عام 2013م، وسجلت امريكا الشمالية والجنوبية معدلات نمو قريبة من معدل نمو الطلب العالمي، ومن جهة اخرى انخفض استهلاك اوروبا للطاقة بحوالي 3% وهو امر متوقع مع تركيز هذه الدول على ترشيد استهلاك الطاقة، وارتفع استهلاك الصين بحوالي 3% فقط رغم ان اقتصادها يحرك العالم، وما يلفت النظر كان الارتفاع الكبير لنمو استهلاك الطاقة في بعض دول الخليج، فعلى سبيل المثال ارتفع استهلاك قطر بحوالي 9% والمملكة 7،6 % والامارات 5،5 %، وبذلك فإن ارتفاع استهلاك هذه الدول قد تعدى معدل النمو فى الاستهلاك العالمي للطاقة بعدة اضعاف. والحقيقة ان النمو الكبير لاستهلاك المملكة للطاقة فى العام الماضى كان ملفتا للانتباه، ولقد استهلكت المملكة فى عام 2014م حوالي 2% من اجمالى الاستهلاك العالمي للطاقة والبالغ حوالي 12،9 مليار طن نفط مكافئ، حيث بلغ استهلاك المملكة فى هذا العام حوالي 240 مليون طن نفط مكافئ مرتفعاً من 222 مليون طن مكافئ فى العام 2013م، وبذلك تصبح المملكة صاحبة رابع اكبر نمو فى الطلب على الطاقة فى العالم بعد تركمانستانوقطر والجزائر (هذه الدول غنية بموارد الغاز الطبيعي)، وتشهد تركمانستان -التى تملك رابع اكبر احتياطي للغاز الطبيعي بالعالم- نمواً عالياً فى الطلب على الطاقة بلغ 16% ويعد الاعلى فى العالم، ولكن تبقى المعضلة فى نمو استهلاك المملكة على الطاقة ان نموها يتركز فى اغلى مصدرين للطاقة وهما النفط الخام والغاز الطبيعي، والجدير بالملاحظة ان المملكة تستهلك حوالي 2% من طاقة العالم بينما نسبة عدد سكانها لا يتجاوز 0،4% من سكان العالم. استهلاك الطاقة فى المملكة يسير بوتيرة اعلى بكثير من المعدلات العالمية، ومما يثير القلق ان يستمر هذا النمو غير المبرر فى استهلاك الطاقة فى الاعوام القادمة، فلقد استهلكت المملكة فى عام 2004م حوالي 1،9 مليون برميل نفط باليوم وكان ترتيبها عالمياً من حيث استهلاك النفط 11، ونما استهلاكها بشكل كبير فى عام 2014م، حيث نما الانتاج العالمي للنفط من عام 2013م الى 2014م بحوالي 2،3%. والملفت للانتباه استحواذ النفوط غير التقليدية على معظم هذا النمو، اذ ارتفع انتاج الولاياتالمتحدة بحوالي 16% ليصل معدل انتاجها فى عام 2014م الى حوالي 11،6 مليون برميل باليوم وهذا يعتبر رقماً قياسياً جديداً فى النمو السنوى الامريكى لانتاج السوائل البترولية، واما نفط الرمال فى كندا فلقد ارتفع انتاجه بحوالي 8%، وهذا يلقى الضوء مجدداً على دور النفوط غير التقليدية فى انخفاض اسعار النفط العالمية، وحتى النفط من المياه العميقة فى البرازيل فلقد ارتفع انتاجه بحوالي 11،2 % ليصل الى اكثر من 2،3 مليون برميل باليوم، واما دول الشرق الاوسط فكانت العراق صاحبة اكبر زيادة فى انتاج النفط اذ اقتربت نسبة الارتفاع من 5% وايران 2%، واما المملكة فلم تتعد زيادة انتاجها من النفط 1% لتسجل معدل 11،5 مليون برميل باليوم وهو اقل من الانتاج الامريكى بقليل، وبذلك اصبحت امريكا فى عام 2014م اكبر منتج للسوائل البترولية بالعالم بفضل تقنيات الزيت والغاز الصخرى، وأما بالنسبة لانتاج الغاز الطبيعي فلقد ارتفعت نسبة معدل استهلاك العالم بحوالي 1،6% عن العام 2013م، وكانت تركمانستان والمملكة صاحبتا اكبر نمو بإنتاج الغاز الطبيعي بالعالم، فلقد ارتفع إنتاج الغاز فى تركمانستان ليصل الى 69 بليون متر مكعب بارتفاع قدره 11% عن العام الماضى، وارتفع انتاج المملكة ليصل الى حوالي 108 بلايين متر مكعب بارتفاع قدره 8،2%، وبذلك تصبح المملكة سابع اكبر منتج للغاز الطبيعي فى العالم، وانتجت فى عام 2014م ما قيمته 3% من اجمالى الانتاج العالمي للغاز وحوالي 13% من اجمالى الانتاج العالمي للسوائل البترولية. وفي الختام تعد المملكة ثالث أكبر دولة بالعالم من حيث انتاج النفط والغاز معاً (كما فى الشكل) وهى بذلك تملك مكانة متقدمة فى عالم الطاقة الى جانب روسياوامريكا، ويبدو واضحاً سيطرة روسيا على الانتاج العالمي للنفط والغاز فى الاعوام السابقة حتى تفوقت امريكا عليها فى عام 2014م، ولقد انتجت أمريكا فى عام 2014م حوالي 1،2 بليون طن نفط مكافئ مقابل بليون طن مكافئ لروسيا وحوالي 0،64 بليون طن نفط مكافئ للمملكة، ويبقى السؤال الذى يحيّر العالم هل تستطيع الولاياتالمتحدة الاستمرار بالبقاء كأكبر منتج للنفط والغاز؟، وهل ستطور الشركات فيها المزيد من التقنيات التى تساعد على استخراج المزيد من الزيت والغاز غير التقليدى بكلفة اقل، بحيث تصبح اكثر مناعة لتقلبات اسعار النفط العالمية؟.